القبس الكويتية 

السبت 7 نوفمبر 2009

فعليا، تحدت الازمة المالية كل المبادئ الحديثة لادارة المحافظ الاستثمارية، اذ كان يقال للمستثمرين أن ينوعوا في محافظهم الاستثمارية من خلال تملك المحافظ المقترنة بالمؤشر ذات قاعدة واسعة النطاق وطويلة الاجل فقط. وأولئك الذين فعلوا من خلال الاستثمار في الشركات ذات رأس المال الصغير ورأس المال الكبير وفي القيمة وفي النمو والشركات الدولية وفي الاسواق الناشئة وفي الصناديق المتوازنة جميعهم ومن دون استثناء خسروا أموالهم العام الماضي.

كما نصح المستثمرون بادارة انكشافهم على المخاطر من خلال تعديل استراتيجية توزيع الاصول بين شراء الاسهم والاحتفاظ بها وصناديق السندات المرتبطة بالمؤشر، لكن العام الماضي كان بمنزلة ركوب قطار الموت وبغض النظر عن كيفية توزيعهم للأصول.

وقيل للمستثمرين ايضا انهم سيكافأون على تحملهم للمخاطر، غير ان من خاطر العام الماضي عوقب بصورة روتينية والافضل اداء كانت صناديق سندات الحكومة الاميركية.

كما نصح المستثمرون بالاحتفاظ بالاسهم لفترة طويلة واتباع استراتيجية المدى البعيد في تملكها، لكن ما هي فترة المدى البعيد، وهل يمكننا ان نضمن ان المدى القصير لن يزيحنا خارج السوق او لا؟

مبادئ السوق تلك ليست بالخطأ، لكنها ببساطة غير مكتملة. فالعالم اصبح اكثر تعقيدا على مدى السنوات العشرين الماضية وبالتالي اصبحنا بحاجة الى ان نطور من نماذجنا الاستثمارية لادراج التعقيدات الجديدة.

ولا يزال التنويع فكرة جيدة، غير ان تحقيقه يزداد صعوبة. وبفضل تزايد المنافسة من اجل تحقيق عائد اضافي، شهد كل نوع من الادوات والاستراتيجيات الاستثمارية نموا جوهريا في الاصول الخاضعة للادارة.

فعلى سبيل المثال، كانت تعتبر عملية carry trade ــ وهي استراتيجية بعيدة ــ قصيرة الاجل للعملات حيث تشترى العملات ذات معدلات الفائدة المرتفعة وتباع العملات ذات معدلات الفائدة المنخفضة `غريبة. اما اليوم فان العديد من خطط صناديق التقاعد الكبيرة تستثمر في هذه الاستراتيجية وهي متوافرة الان للمستثمرين الصغار.

ان تدفق كميات كبيرة من الاصول في اي استراتيجية معينة له آثار ثلاثة: 1 - يقلص من العائد المتوقع للاستراتيجية بسبب المنافسة، 2 - في حال تبقى اي عائد متوقع، فان هذا الجزء سيكون مصدرا للترابط بين جميع المستثمرين في الاستراتيجية، 3 - اذا ما استثمر ما يكفي من الاصول في هذه الاستراتيجية على مدى فترة قصيرة من الوقت، فانه يمكن لهذه الاستراتيجية ان تتحول الى «تداول مزدحم» غير قابل للتسييل وخاضع لتقلبات كبيرة في الارباح والخسائر وغير قابل للتنبؤ. والمثال الابرز على تلك الآثار سوق الرهن العقاري الذي شكل محور الازمة الحالية، والامثلة الاخرى تشمل تفكك تجارة العملات وبيعها وفقا لاسعار الفائدة carry trade في يوليو 2007.

ولتحقيق عملية تنويع حقيقية، ينبغي على المستثمرين ان يمتلكوا مجموعة اوسع نطاقا من فئات الاصول والانكشافات على المخاطر، بعيدة وقصيرة الاجل في آن في محافظهم.

ولم تعد القرارات المتعلقة باستراتيجية توزيع الاصول تتجاوب بصورة كافية مع التغيرات الديناميكية في المخاطر، لا سيما ان المنافسة والابتكارات المالية تتسبب في زيادة تقلبات السندات والاسهم بصورة غير متوقعة. اذ قفز مؤشر VIX (يقيس تقلبات مؤشر ستاندارد آند بورز 500) من مستواه المنخفض عند 16% في مايو 2008 الى 80% في اكتوبر 2008، ويحوم في الوقت الراهن عند 25%.

مثل تلك التقلبات غير مقبولة عند معظم المستثمرين. ففي هكذا بيئة، لم يعد من الممكن انجاز ادارة المخاطر بسهولة من خلال المبدأ البسيط للاستثمار الذي يقوم على الشراء والاحتفاظ بالمحافظ، كما كان يحصل سابقا، بل بات يتطلب اعادة التوازن المتكرر او «ادارة تكتيكية للمخاطر».

ويعتبر هذا التوجه تعبيرا عن السباق التكنولوجي الذي قدم لنا منصات تداول الكترونية والتداول الحسابي والاسواق العالمية المتداخلة والفوارق الضيقة بين العرض والطلب والسيولة الكبيرة ومعدلات التداول العالية، لكن الثمن هو آليات تسعير اكثر تعقيدا.

ان النظام المالي ليس بالصندوق الاسود غير القابل للتغيير، بل هو بيئة ديناميكية ومتطورة يتنافس فيها الافراد والمؤسسات بشراسة على فرص نادرة لتحقيق الارباح.

في خضم هذا النموذج الاستثماري الجديد، لم تعد الاسواق فاعلة بصورة دائمة ولا غير عقلانية ايضا على نحو مستمر، بل اصبحت سوقا قابلة للتكيف. ففي الاوقات العادية، يمكن الوثوق بالاسعار لتعكس «حكمة الحشود». وفي الاوقات الصعبة يتفاعل المستثمرون بصورة غريزية وعاطفية، وتتحول حكمة الحشود الى «جنون الغوغاء».

أندرو دبليو لو

بروفيسور في كلية MIT سلون للإدارة

كبير خبراء استراتيجيات الاستثمار في ألفا سيمبليكس غروب

خلاصة

اعتماد التنويع مبدأ سليم.. لكن الأهم من ذلك هو معرفة كيفية التنويع. فالسوق بيئة معقدة يتنافس فيها عدد كبير من المستثمرين على عدد قليل من الفرص. غير أنه في الأوقات الصعبة يتفاعل المستثمرون بصورة غريزية وعاطفية أقرب إلى الجنون.

0 تعليقات