خاص مباشر 

الثلاثاء 26 مايو 2009

كتب - رامى سميح

شهد الاقتصاد المصرى تحسنا ملموسا مع بدايات العام الجارى 2009 وهو مادفع العديد من المؤسسات العالمية ومراكز الأبحاث للإشادة بالاقتصاد المصرى وصموده فى مواجهة الأزمة المالية العالمية على اعتبار أن مصر من أقل الدول تأثرا بهذه الأزمة وتداعياتها، وهو ما انعكس على البورصة المصرية التى بدأت فى التعافى بشكل ملحوظ مما يدل على عودة الثقة في أوساط المستثمرين سوء المحليين أو الأجانب فى قدرة الشركات المدرجة على الاستفادة من الأزمة .

ومع هذا التحسن بدأت الأنظار تتجه مرة أخرى نحو الاستثمار فى المباشر وغير المباشر فى مصر حيث أبلغت صناديق استثمار سيادية عالمية مؤسسات مالية مصرية عزمها الاستثمار لأول مرة فى مصر وذلك فى إطار خطتها توجيه جزء من أموالها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

من أبرز هذه الصناديق Temasek Holding السنغافورية الذى يصنف على أنه واحد من أبرز 10 صناديق سيادية حول العالم الذى تتجاوز أصوله أكثر من 100 مليار دولار ولديه استثمارات فى مؤسسات دولية كبرى ,كما أبدى بنك التنمية السنغافورى DBS اهتمامه أيضا فى السوق المصرى للاستثمار فيه خاصة على المدى البعيد ويبلغ رأسمال البنك المدفوع 20 مليار دولار فى حين تتجاوز قيمة أصوله 256 مليار دولار.

اتفق الخبراء على أن الصناديق السيادية تعد من أفضل أنواع الصناديق حول العالم وأن ظهور تلك الصناديق فى هذا الوقت يعد مؤشرا إيجابيا في عالم أسواق المال، نظرا لأنها تستثمر أموالها التى تعد بالمليارات فى استثمارات مباشرة وغيرة مباشرة وخاصة اتجاهه إلى انتقاء فرص استثمارية جيدة فى أوقات معينة فهي تفيد في اجتناب دورات الرواج والكساد في بلدانها المنشِئة، وتسهِّل ادخار عائدات الفوائض التي تحققها المالية العامة من صادرات السلع وعمليات الخصخصة ثم تحويلها للأجيال التالية، وتسمح صناديق الثروة السيادية أيضا بمزيد من التنويع في أصول الحافظة وبزيادة التركيز على العائدات مقارنة بما يحدث عادة في حالة الأصول الاحتياطية التي يديرها البنك المركزي، ومن ثم الحد من تكاليف الفرصة البديلة لحيازة الاحتياطيات.

ورحب الخبراء بأية استثمارات من الصناديق السيادية نظرا لأنها تكتسب أهمية متزايدة في النظام النقدي والمالي الدولي، كما أنها من الممكن أن تساعد في رفع الكفاءة التوزيعية للإيرادات المتحققة من الفوائض السلعية في البلدان المختلفة وأن تعزز سيولة الأسواق بشكل عام، حتى في فترات الضغوط المالية العالمية ، مشيرين إلى أن التحدي الأساسي بالنسبة للصناديق السيادية يكمن في تبديد القلق حيال استثماراتها الإستراتيجية.

فى البداية قال عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار أن اتجاه الصناديق السيادية للاستثمار فى مصر جاء بعد إشادة التقارير العالمية بمصر واعتبارها من أقل الدول تأثراً بالأزمة المالية العالمية وخاصة أنها من ضمن الدول الأكثر جذبا للاستثمارات، مشيرا إلى أن مصر سوف يكون لها المزيد من الفرص فى استقبال العديد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة فى الفترة القادمة بعد التحسن الملحوظ الذى شهده الاقتصاد المصرى منذ بداية العام الجارى .

وأكد خليفة أن استثمارات الصناديق السيادية سوف تساهم فى إنعاش البورصة المصرية الأمر الذى سوف يدفع السوق لاتخاذ اتجاه صاعد فى المدى الطويل ، لا فتا إلى أن المؤسستين السنغافورتين أبديا رغبتهما للاستثمار فى مصر خلال الفترة القادمة سواء فى مجال الاستثمار المباشر أو البورصة، مشيرا إلى أن المؤسستين وضعتاً بالفعل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن خطتهما الاستثمارية القادمة .

ومن جانبه أوضح عيسى فتحى العضو المنتدب لشركة الحرية لتداول الأوراق المالية على أن الصناديق السيادية تعمل وفقا لتوجهات معينة وبالتالى فهى تقوم بانتقاء قطاعات محددة للاستثمار مثل العقارات والاتصالات وغيرها من القطاعات الواعدة التى تتيح لها تحقيق العوائد المرجوة من الاستثمار فيها ويتم انتقاء هذه القطاعات بعد مجموعة من الدراسات يقوم بإعدادها متخصصين .

وأشارعيسى إلى أن دخول الصناديق السيادية فى هذا الوقت يعد مؤشر إيجابى يدل على أن السوق المصرى من الأسواق الواعدة والجاذبة للاستثمار مشيرا إلى أن التأثير الأكبر سوف يعود على البورصة المصرية والتى لاتزال تحتاج إلى مزيد من السيولة وبالتالى فإن تاثير دخول الصناديق سوف يظهر واضحاً عندما يتم العمل الفعلى لهذه الصناديق .

وعلى نفس الصعيد أوضح محمد عسران العضو المنتدب لشركة بريميير لتداول الأوراق المالية أن الصناديق السيادية تعد من أفضل أنواع صناديق الاستثمار فى العام مشيرا إلى أن تلك الصناديق لاتركز استثمارتها فى أسواق المال فقط وإنما فى مجالات مختلفة وبالتالى فإن هذه الصناديق يكون لها استثمارات مباشرة وأخرى غير مباشرة ، لافتا إلى أن دخول الصناديق السيادية إلى السوق المصرية يعد أمرا إيجابيا سوف يساهم فى انعاش السوق على المدى الطويل وخاصة بعد أن اتضحت الرؤية حول وجود المزيد من الفرص الاستثمارية فى مصر وبالتالى فإن الجميع يحاولون اقتناص الفرص الاستثمارية الجيدة فى مصر وفى كافة دول العالم .

الجدير بالذكر أن الصناديق السيادية ليست ظاهرة جديدة، بل يعود تاريخ بعضها إلى عام 1953، لكنها بدأت تنشط بصورة مفرطة..ومؤخراً استحوذت تلك الصناديق، ضمن القطاع المالي وحده على حصص في مؤسسات عملاقة مثل مورجان ستانلي و بير ستيرن و ميريل لينش و سيتي جروب وUBSو تتفاوت الأرقام التي تحدد موجودات تلك الصناديق بشكل واسع، خاصة وأن عدداً كبيراً منها لا يعلن عن حجم أمواله، ولكن تشير دراسة لمؤسسة "مورجان ستانلي" أن تلك الصناديق تملك مجتمعة 2.5 تريليون دولار.أما ستاندرد تشارترد فتقدر أن حجم موجودات تلك الصناديق يعادل 12 في المائة من إجمالي القيم المتداولة في بورصة نيويورك أو 42 في المائة من إجمالي القيم المتداولة في بورصة طوكيو.

بخلاف ما يعتقده البعض حول أن تلك الصناديق ظاهرة حصرية للعائلات المالكة في دول الخليج العربي فإن عدة دول حول العالم تمتلك صناديق مماثلة، ومن بينها النرويج التي تمتلك أحد أكبر الصناديق حول العالم والتي تقدر موجوداته بأكثر من 322 مليار دولار.وكذلك، تدير كل من سنغافورة و الصين و روسيا صناديق مماثلة ذات وزن كبير، يقدر ستاندرد تشارترد حجمها بقرابة 100 مليار دولار، وكذلك أسست كل من شيلى وفنزويلا هيئات من هذا النوع.

وتعتبر عائدات النفط المصدر الأساسي للأموال أكبر الصناديق الاستثمارية السيادية في العالم، وبالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وازدياد واردات الدول المنتجة للخامات ازدادت ثروات هذه الصناديق، كما تعتبر الاحتياطيات النقدية الأجنبية مصدراً أساسياً أيضاً.وتشير دراسات "ستاندرد تشارترد" إلى أن حجم الأموال التي ستمتلكها تلك الصناديق خلال عقد من الزمن ستتجاوز 13.4 ترليون دولار، فيما تقدر "مورجان ستانلي" أن تبلغ الموجودات 17.5 ترليون دولار.

0 تعليقات