البيان الإماراتية  
الجمعة 24 أكتوبر 2008

حولت الأزمة المالية رابحين إلى خاسرين ولكنها جعلت أيضا بعض الرابحين يزدادون ربحا. وتعكس معاناة الناس في مدن العالم المختلفة مدى تفاقم البعد الإنساني للأزمة. وفي ولاية كاليفورنيا الأميركية قضت واندا دان (53 عاماً) الساعات الأخيرة من حياتها الأسبوع الماضي في ترتيب شؤونها.

حيث أعطت نبتتين صغيرتين إلى جار لها بالإضافة إلى بعض الملابس الرخيصة وطلبت منه إعطاءها لمؤسسة خيرية. وبعد ذلك عادت دان إلى المنزل الذي كانت تعيش فيه منذ الطفولة وأضرمت فيه النيران ثم قتلت نفسها بإطلاق النار على رأسها. وأقدمت السيدة على هذه التصرفات التي تنم عن اليأس قبل يوم واحد من طردها من المنزل الذي اشتراه أجدادها قبل عقود.

وكانت دان ممرضة عاطلة عن العمل واضطرت لبيع المنزل قبل عدة أعوام عندما لم تتمكن من سداد فوائد قرض حصلت عليه من أحد البنوك. ورغم أن المشتري وافق على تركها في المنزل مقابل دفع الإيجار، إلا أنها لم تتمكن أيضا من دفع الإيجار وهو ما دفعه إلى اتخاذ إجراء حبس الرهن الذي يعني طردها من المنزل.

والأمر الذي جعل المأساة أكثر ألما هو أن دان أبلغت جيرانها مرارا أنها تفضل الموت على ترك المنزل. وقال ستيف بروكس القاطن في المنزل المواجه لمنزلها والذي كان يرعى شؤونها: «عرفنا أن ذلك (انتحارها) سيحدث». وأضاف الجار: «إنه (الانتحار) ليس خطأ شخص بعينه بل إنه خطأ الجميع».

وجاء انتحار دان بعد أسبوع فقط من إقدام مدير استثمارات في منطقة بورتر رانش المجاورة على قتل أسرته ثم نفسه ما أصاب المنطقة بصدمة. وكان كارثيك راجارام (45 عاماً) الهندي المولود مليونيرا في السابق ضاعت معظم ثروته في انهيار البورصة. وأصيب الرجل بالاكتئاب فقتل حماته وزوجته وأطفاله الثلاثة قبل أن ينتحر بإطلاق الرصاص على نفسه.

وقال ميشيل مور نائب قائد شرطة لوس أنجلوس: «في هذا المنزل الكائن ورائي كانت تقطن أسرة أميركية نموذجية بادت عن آخرها، على الأرجح لأن رجلا سقط في براثن اليأس التام مما دفعه إلى الاعتقاد بأن هذا (قتل أفراد أسرته والانتحار()مخرج مقبول».

وكان مور يتحدث أمام منزل الأسرة الكائن في إحدى الضواحي الراقية خلال مؤتمر صحفي متلفز. وكانت الحادثة بمثابة تذكرة قوية للكثيرين بأن الحلم الأميركي يمكن أن يتحول إلى كابوس فجأة. لكن بالنسبة لخبراء الصحة العقلية في الجمعية الأميركية للطب النفسي عززت هذه المآسي نتائج دراسة حديثة كشفت وجود مستويات رهيبة للضغط النفسي المرتبط بمسائل مالية والذي تتحمل المرأة عبئه الأكبر.

وكشفت الدراسة التي نشرت نتائجها في أوائل أكتوبر الجاري أن نصف الأميركيين تقريبا يقولون إنهم يشعرون بأنهم تحت ضغط زائد فيما يتعلق بقدرتهم على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم. وقال 80% ممن شملهم البحث إن الاقتصاد سبب رئيسي للإصابة بالضغط.

وقالت الطبيبة النفسية كاثرين نوردال من الجمعية الأميركية للطب النفسي إن «الاقتصاد له ضريبة عاطفية ونفسية على أميركا خاصة بين النساء». وأضافت: «الناس يشكون من المزيد من الأعراض النفسية والعاطفية.. في حال استمر الأميركيون في المعاناة من هذه المستويات العالية من الضغط لفترات طويلة، فإنهم يتعرضون لخطر الإصابة بأمراض خطيرة».

ويقول «المركز الوطني للوقاية من الانتحار» إنه شهد زيادة كبيرة في عدد المكالمات التي تلقاها هذا العام. فحتى نهاية سبتمبر الماضي سجل المركز 228600 مكالمة مقابل 184100 مكالمة خلال نفس الفترة من العام الماضي. لكن المتحدثة باسم المركز اماندا لينر قالت إنه بسبب توجيهات المركز فيما يتعلق بالحفاظ على الخصوصية «ليست لدينا وسيلة.. لربطها (حالات الانتحار) بالأزمة المالية».

فوارق : %83 

مقارنة بالرجال، قال عدد أكبر من النساء إنهن يشعرن بالتعرض لضغوط بشأن المال (83% مقابل 78% من الرجال) والاقتصاد (84% مقابل 75%) والاستقرار الوظيفي (57% مقابل 55%) تكاليف السكن (66% مقابل 58%( والمشكلات الصحية التي تؤثر على أسرهم (70% مقابل 63%).

وكشفت الدراسة أن النساء فوق سن 44 هن الأكثر تأثرا حيث أن الكثير من النساء في هذه الفئة العمرية كن قد وضعن مدخرات التقاعد بالكامل في البورصة وهن أكثر من يعتبرن الاقتصاد سبب رئيسي للشعور بالضغط

.

0 تعليقات