القبس الكويتية 

السبت 7 نوفمبر 2009

احدى المفاجآت الخاصة التي تتميز بها سوق الأسهم هي انها، غالبا، لا تتحرك وفق اساس منطقي او عقلاني. ونتيجة لذلك فان الناس الذين حققوا نجاحات في مجالات اخرى من الحياة من خلال اتباعهم لنهج منطقي في العمل، هم في حيرة من امرهم لعدم قدرتهم على القيام بذلك في سوق الأسهم وان اتبعوا الاساليب نفسها.

ان ما أسعى الى الوصول اليه هنا هو انه لو حاول المرء ان يتنبأ بالفعل الجماعي لآلاف من المستثمرين الذي يستثمر معظمهم على اسس منطقية او عقلانية، فانه لن يكون بمقدوره ان يفعل ذلك من خلال اتباع النهج المنطقي ذاته كما يفعل الآخرون، الا اذا امتلك القدرة على التنبؤ بالمستقبل من خلال كرة الكريستال أو أي شيء آخر، بصورة اسرع واكثر دقة من الآخرين. وليس مفاجئا ان هناك قلة من الذين بامكانهم تحقيق هذا الأمر. وبالتالي، فان السوق يتحرك في غالب الأحيان ليجعل من الغالبية على خطأ، وبقيامه بذلك الفعل، يفعل ما هو غير متوقع، فعلى سبيل المثال، اذا ما كان الجميع في وضع يشي بأن السوق سيرتفع، فان ذلك يعني ان تلك التوقعات المتفائلة ربما هي بالفعل مخفضة.

فالسوق اداة خصم فعال للمستقبل، وعند نقطة تحول ما، فان تعريف الرأي الصحيح هو رأي الأقلية.

وبما انه لا يمكن التنبؤ بحركة سوق الأسهم وفق المنطق وحده، فانني اعتقد انه ينبغي على المستثمرين استخدام نهجين متضاربين. أولا، ينبغي عليهم استخدام رأيهما الخاص للقيمة الصحيحة للشركة من خلال التحليل الاساسي، والتوقعات بشأن احتمالات المستقبل وغيرها. وفي الوقت نفسه، يحتاج المستثمرون ايضا الى الاستماع الى ما تخبرهم به الأسواق ورؤية ما الذي يمكن تعلمه من سلوك المستثمرين الاخرين. وهو احد الاسباب وراء استخدامي التحليل الفني لاستكمال تحليلي الاساسي. فالتحليل الفني يعمل جيدا على اظهار الفعل الجماعي للمستثمرين. كما انه السبب وراء تركيزي على مؤشرات المشاعر، لاسيما عندما تكون في اقصى مستوياتها، كما كانت مطلع هذا العام، واذا ما دللت تلك المؤشرات على ان معظم المستثمرين قد صوتوا باتجاه واحد فان الغلبة دائما ما تكون في الرهان ضدهم.

فسوق الأسهم على المدى القصير طبعا، هو بمنزلة آلة تصويت أكثر منه آلة وزن، فالمزج بين الرأي الخاص والشخصي والاستماع ايضا الى السوق هو في قلب وجوهر نهجي الاستثماري.

في الربع الاخير من عام 2008 والربع الاول من عام 2009، عندما اصبحت متفائلا بشأن الاسواق، تلقيت ردود فعل غاضبة وصدى هائلا من الجمهور الذي اخاطبه، وسألوني: الم تستوعب ان التوقعات الاقتصادية قاتمة، وربما كانت الاسوأ على مدى جيل؟

ان المشكلة الاكبر التي كانت لديهم هي في عدم تمكني من تقديم اسباب اقتصادية مقنعة تفسر سبب توقعي لمستقبل وردي يتناقض مع الاجماع السلبي السائد، وتجعلهم يقتنعون بصحتها، وذلك لانني اعتقد انه من الصعب جدا التنبؤ بنقاط التحول باستخدام الحجج الاقتصادية العقلانية وحدها.

فآرائي استندت الى ثلاثة مدخلات رئيسية تابعتها ودرستها بصورة مستمرة خلال مسيرتي المهنية، وهي طول فترة وعمق تراجع السوق نسبة الى الاسواق المنخفضة الاخرى تاريخيا ومستويات التقييم مقابل تاريخ اجلها الطويل ومعايير المشاعر.

وحده الكساد العظيم الذي اثبتت في اثنائه السوق عمقا كبيرا في تراجعه- معدل العائد/السعر كان اقل مما كان عليه منذ عقد السبعينات وساد المستهلكون مشاعر اكثر سلبية مما كانت عليه من وقت طويل، كما شهدت صناديق الاستثمار في الاسهم معدلات استرداد كبيرة للاموال كما وصل اجمالي انكشاف صناديق التحوط على السوق الى نقطة دنيا.

لكن ما رأيي بشأن الوقت الراهن؟ على عكس بداية العام الحالي، ليس لدي رأي قوي جدا، فالمدخلات الثلاثة الرئيسية خاصتي التي استند عليها ليست منظمة بالطريقة التي كانت عليها في ذلك الحين، الا اني اعتقد ان بيئة يكون فيها النمو ومعدلات الفائدة منخفضة في العالم الغربي ستكون امرا جيدا لمعظم الاصول، ويشمل ذلك الاسهم والشركات القادرة على تحقيق نمو يتجاوز المتوسط واذا ما استطاعت الشركة ان تظهر نموا معقولا وسط هذه البيئة من النمو المنخفض، فاعتقد ان التقييمات يمكن ان تتحرك صعودا بشكل ملحوظ. كما اعتقد ايضا ان هذا السوق الصاعد ستسود فيه عمليات دفع العمولات عند ابرام الصفقات (بسبب المشاعر السلبية التي بلغت درجة منخفضة)، وبعد ذلك قد نحتاج الى فترة طويلة من الترسيخ قبل تحقيق مزيد من التقدم.

سؤال أساسي يطرح حول ما اذا كان النمو المنخفض في العالم المتقدم سيؤدي الى اختلاف اكبر بين الاسواق المتقدمة والناشئة مما كان عليه الوضع تاريخيا. معظم اصول المستثمرين موجودة في الاسواق الناشئة. ولعل السنوات القليلة المقبلة ستثبت خطأ ذلك.

أنتوني بولتون

رئيس الاستثمارات في فيديليتي انترناشيونال

سجل الصندوق الذي يديره افضل اداء في قطاعه منذ تأسيسه عام 1979 الى ان تنحى في 2007

خلاصة

التحليل الفني اضافة الى التحليل الاساسي والمزج بين الرأي الخاص والاستماع الى السوق من دون الاهتمام كثيرا بمنطق الامور ورأي الاغلبية هو في جوهر النهج الاستثماري لواحد من اهم مسؤولي الاستثمار في العالم.

0 تعليقات