الأخبار المصرية 

السبت 24 أكتوبر 2009

عيسى فتحى - خبير أوراق مالية 

من الأقوال المأثورة "البورصة مرآة الاقتصاد" إلا أن الأزمة المالية العالمية وما جرى فى البورصة المصرية فى الآونة الاخيرة تسمح بتعديل ذلك القول إلى "البورصة مرآة المجتمع " حيث تعكس بصورة لا لبس فيها ثقافة المتعاملين والممارسات الأخلاقية التى تنتجها هذه الثقافة ، لقد أوضحت ظاهرة "الجيمات " استشراء ثقافة "العائد بلا جهد " التى تزايدت بنمو متسارع منذ إنطلاق سياسة الانفتاح الاقتصادى ، وفى سبيل الربح وحده أهمل المنطق والرشادة وتبلدت النوازع الأخلاقية على نحو متزايد لقد حقق بعض من غرر بهم أرباحا غير عادية أفقدتهم الرؤية السليمة للأمور وأغفلوا أنهم مجرد جسر يعبر به من يديرون هذه "الجيمات" لنهب مدخراتهم وثرواتهم فى النهاية وهى من أكبر عمليات النهب المقنن التى حدثت فى السنوات الأخيرة باستغلال آليات السوق .

أن يربح المستثمرون هو أمر سار لكن لعل هناك من يتفق معى أن الربح غير المبرر يحمل فى طياته بذور زواله .. والخطر الأكبر فى هذه الممارسات أنه مع الهوس بهذه الأرباح غير العادية فإن المستثمر يزداد نهمه ويميل لاحتقار التعامل فى الأسهم ذات الأساسيات القوية ذات الأرباح العادية والمعقولة حيث يكون قد تعود على الأرباح الكبيرة الزائفة ودون أن يدرى يتحول إلى " مقامر" حسب وصف ماجد شوقى رئيس البورصة المصرية وهو وصف فى محله يوضح خطر هذه الممارسات على ذهنية المستسلمين لها ويهدر فى نفس الوقت ما بذل من جهود للارتقاء بوعى المستثمرين على مدار السنوات الماضية منذ إعادة إحياء البورصة بإيقاف التداول على عدد من أسهم الجيمات من أهم الأحداث الجوهرية خلال الأسبوع الماضى ، وفى هذا الصدد - بدلا من إيقاف التداول - يمكن تفعيل المادتين 21 و22 من قانون سوق المال بإلغاء العمليات التى تتم بأسعار لا مبرر لها ووضع حد أعلى لأسعار الورقة التى يجرى التداول عليها بأسعار مفتعلة بلا سند من أحداث تبررها .

0 تعليقات