Arabian Business 

الاثنين 27 يوليو 2009

اختلفت أراء المراقبين والمحليين الاقتصاديين إزاء الهدوء النسبي الذي شهدته اقتصاديات العالم عموماً ابتداءً من الربع الثاني للعام 2009. وانقسمت التوقعات بين متفائلٍ يرى أن هذا الهدوء هو مؤشر واضح وكافٍ يدل على انتهاء الأزمة وبداية انتعاشٍ اقتصاديٍ عالمي، وبين حذرٍ يغلب عليه التشاؤم يؤكد أن العالم يجب أن لا يتسرع بالحكم والقول بأن الأزمة انتهت.

لعل ما دفع بعض المراقبين للاعتقاد بمرور الأزمة هو أن معطيات الأسواق في الفترة الأخيرة اتجهت نحو الإيجابية أكثر منها إلى السلبية، فمن انخفاض تأرجح أسواق المال، إلى ارتفاع أسعار النفط واستقرارها إلى عودة النشاط للقطاع المصرفي وإن كان بشكل ضئيل، إلى الاستقرار النسبي في القطاعات التي ضربتها الأزمة بشكل رئيسي مثل العقارات والسيارات إضافة إلى القطاع المالي. ويرى المتفائلون أن السبب الرئيسي وراء هذه التطورات الإيجابية يعود إلى ردود الفعل الإيجابية في الفترة الأولى للأزمة والتي تشكلت في خطوات فعلية متخذة من قبل الحكومات والمؤسسات والأفراد، بينما يعتقد المتشائمون أن هذه المؤشرات آنية وأن الخطوات المتخذة غير كافية لاحتواء الأزمة والتغلب عليها.

الأزمة انتهت

يرى فريق المتفائلين أن أهم الخطوات التي ساهمت في الاقتراب من حل الأزمة كانت في السيولة التي قامت بضخها الحكومات من جهة ومن جهة أخرى الإجراءات التي اتخذتها المؤسسات العالمية من تخفيض كلفها ومن إعادة هيكلة إداراتها وملكياتها إضافة إلى تغيير استراتيجياتها. ومثال ذلك هو التغير الكبير في ملكيات الشركات والذي حدث في الفترة الأخيرة خصوصاً في قطاع السيارات بعد العمليات الكثيرة للاستحواذ وبيع الحصص.

ومن المتفائلين في الغرب تحديداً نُشرت العديد من الدراسات و الأخبار التي يشير بعضها إلى بوادر الانفراج ويذهب البعض الأخر منها إلى الاعتقاد بانتهاء الأزمة كما فعل مؤخراً «بنك أوف أميركا ميريل لينش» في تقريره الأخير الذي عنونه «الأزمة انتهت».

وتوقع التقرير حول الاقتصادات العالمية، أن يخرج الاقتصاد العالمي ببطء من الانكماش الحالي، وأن تسجل اقتصاديات الأسواق الصاعدة مثل الصين والهند أعلى معدلات نمو في 2010.

ولاحظ التقرير رئيس دائرة الاقتصاديات الدولية والعملات العالمية وبحوث أسعار الصرف في «بنك أوف أميركا ميريل لينش» ريكاردو باربييري، ظهور «علامات تشير إلى أن التحركات المتناغمة للحكومات والمصارف المركزية الهادفة إلى ضخ السيولة النقدية في أكبر الاقتصادات العالمية مثل الاقتصادين الصيني والأمريكي، بدأت تؤتى ثمارها».

وتوقعت ميريل لينش أن يشكل الاقتصادان الأمريكي والصيني القوتين الرئيستين اللتين ستقفان وراء الانتعاش العالمي المرتقب في 2010.

وقال التقرير أن الاقتصاد الصيني سينمو بمعدل 9.6 % في 2010، ارتفاعاً من توقعات سابقة بنموه بمعدل 8.3 %.

ورفع التقرير من توقعاته السابقة لمعدلات نمو الاقتصاد الهندي من 7.1 % إلى 7.3 %، والاقتصاد الكوري الجنوبي من 3 % إلى 4 %، والتايواني من 3.5 % إلى 4.5 %.

وأفاد التقرير بأن الاقتصاد الياباني عانى من أسوأ تدهور على الإطلاق في الربع الأول من 2009، لكن يتوقع أن يكون استأنف النمو في الربع الثاني. وتوقع تقرير ميريل لينش أن تنتعش اقتصادات الدول المتقدمة بمعدلات أبطأ من نمو اقتصادات الدول الصاعدة، وسيكون الاقتصاد الأوروبي أبطأها نمواً.

وحافظ التقرير على توقعاته الخاصة بنمو اقتصادات دول منطقة اليورو بمعدل 1.2 % في 2010 بعد انكماشها بعدل 4.4 % عام 2009. وعلى رغم توقع نمو في الدول المتقدمة بمعدل 2.1 % في 2010، فإن هذا المعدل يبقى أدنى من معدل 1.4 % سجله عام 2008.

ولحظ التقرير احتمال أن ينمو الناتج المحلي الحقيقي للاقتصادات الصاعدة الأربعة الكبرى (الصين والهند وروسيا والبرازيل) في 2009 بمعدل 7.5 %. وظلت اقتصادات هذه الدول في منأى عن تأثيرات الانكماش الاقتصادي العالمي. وبينما ظلت توقعات نمو الاقتصاد البرازيلي لسنة2010 ثابتة عند 4.5 %، رفع التقرير من توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد الروسي من 1 % إلى 2.4 %.

مؤشرات وجود الأزمة

يرى الفريق الأخر أن الاعتقاد بمرور الأزمة وعودة الانتعاش العائد لضخ السيولة هو اعتقاد خاطئ. ويرى هذا الفريق أن الأزمة لم يتسبب بها نقص السيولة لذا وإنما الممارسات والأنظمة المالية التي تحكم اقتصادات العالم، لذا فالحل لن يأتي من ضخ السيولة. ومن هذا الفريق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حذرت من المبالغة في الشعور بالتغلب على الأزمة الاقتصادية والمالية في بلادها.

يشير المحللون أن النظر إلى المؤشرات المالية وحدها كارتفاع قيمة الأسواق المالية أو ارتفاع أسعار السلع غير كافٍ للحكم على تعافي الاقتصاد، وإنما يجب النظر في حجم إنتاج الشركات، ومجموع الدخل القومي، وأعداد العاطلين عن العمل، وأسعار السلع على المستهلك، وحجم نفقات المستهلكين والشركات، وأعداد بيوت الرهن العقاري، وحالات إعلان الإفلاس وغيرها من المظاهر الاقتصادية.

0 تعليقات