الأهرام المصرية 

السبت 4 أبريل 2009

تواصل الصفحة الاقتصادية اليوم استعراضها لظاهرة صناديق الثروة السيادية‏-‏ إن جاز استخدام هذا التعبير‏-‏ ونتعرض اليوم لما دار حول هذه الصناديق من جدل عالمي كان أحد أطرافه صندوق النقد الدولي‏,‏ ويكون جدير بالملاحظة أن الحديث عن هذه الصناديق هو مجرد البداية لمتابعة مستمرة لهذه الصناديق ودورها في النظام المالي العالمي الجديد‏.‏

بالرغم من عدم مرور استثمارات هذه الصناديق في سوق المال العالمي دون تدخلات سياسية كاضطرار‏'‏ الهيئة العامة للاستثمار‏'‏ الكويتية الي تقليل حصتها في‏BP‏ ا إلا ان صناديق الثروة السيادية بوجه عام كانت تعمل في السوق العالمية دون معوقات حقيقية ودون لفت كثير من الانتباه‏,‏ حتي صدر تقرير قصير في ابريل‏2007‏ عن بنك الاستثمار الامريكي‏'‏ مورجان ستانلي‏'‏ بعنوان‏'‏ كيف سيتضخم حجم الصناديق السيادية بحلول عام‏2015‏ ؟

ومع صدور التقرير بدأ جدل عالمي واسع النطاق لم ينته للآن وظهرت اصوات تحذر من تأثير هذه الصناديق السلبي علي استقرار سوق المال العالمية وشملت التحفظات الغربية علي‏:‏ توافق هذه الصناديق لمبادئ الشفافية والحوكمة الجيدة من عدمه‏,‏ والطموحات الجغرافية التي من الممكن تواجدها لدي الجهات التي تنتمي اليها هذه الصناديق وبالاخص في ضوء الملاءة المالية الكبيرة لها‏,‏

ووصل الامر الي بعض الاتهامات الموجهة لهذه الصناديق بتهديد‏'‏ الامن القومي‏'‏ لاقتصادات الدول المستقبلة لهذه الاستثمارات‏.‏ وكنتيجة لهذا الجدل الواسع سعي صندوق النقد الدولي لوضع ميثاق عمل تطوعي للصناديق السيادية‏,‏ ورغم الرفض المبدئي من عدة دول عربية تمثل في رسالة بعث بها محافظ البنك المركزي الاماراتي نيابة عن محافظي البنوك المركزية لاثنتي عشرة دولة عربية‏-‏ منها مصر‏-‏ اضافة الي دولة‏'‏ المالديف‏,,‏ تعلن عن عدم وجود الخبرة الكافية لدي صندوق النقد الدولي لوضع هذا الميثاق‏'‏ الا ان جهود صندوق البنك الدولي اثمرت في مايو الماضي تكوين ما اطلق عليه‏'‏ مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية‏'.‏

وتضم كلا من‏(‏ استراليا‏,‏ ازربيجان‏,‏ البحرين‏,‏ بوتسوانا‏,‏ كندا‏,‏تشيلي‏,‏غنيا‏,‏ الصين‏,‏ ايران‏,‏ ايرلندا‏,‏ كوريا الجنوبية‏,‏ الكويت‏,‏ ليبيا‏,‏ المكسيك‏,‏ نيوزيلندا‏,‏ النرويج‏,‏ قطر‏,‏ روسيا‏,‏ سنغافورة‏,‏ تيمور الشرقية‏,‏ الامارات‏,‏ الولايات المتحدة‏)‏ وباشراف دائم لكل من سلطنة عمان والسعودية وفيتنام ومنظمة التعاون والتنمية والبنك الدولي‏,‏ و برئاسة مشتركة بين ممثل رفيع المستوي عن‏'‏ جهاز استثمار ابو ظبي‏'‏ وهو السيد حامد السويدي نائب وزير المالية لأبو ظبي و قسم‏'‏ النقود وسوق المال‏'‏ بصندوق النقد الدولي‏,‏ ومهمتها هي وضع مبادئ لافضل الممارسات في عمل صناديق الثروة السيادية‏'.‏

الاتجاه شرقا‏!!‏

كان وراء اتجاه صناديق الثروة السيادية العربية للاستثمار وبصورة اساسية في سوق المال العالمية وتحديدا الغربي محركان اساسيان الأول هو السعي وراء الربحية العالية للاستثمار في هذه السوق‏,‏ والثاني هو الاستقرار السياسي الذي يدعم بيئة الاستثمار بها‏.‏ و من ناحية اخري استفادت الاقتصادات الغربية المستقبلة لاستثمارات الصناديق السيادية العربية من توافر سيولة ساهمت في نمو كثير من الشركات والهيئات بها‏.‏ ولكن والاهم كانت الصناديق السيادية العربية لاعبا رئيسيا في دعم هذه الاسواق وبخاصة في الفترة بين منتصف عام‏2007‏ وبدايات‏2008.‏ فقد قامت الصناديق السيادية بضخ استثمارات تقارب‏40‏ مليار دولار امريكي لمساندة مؤسسات مالية كبيرة الحجم ومنها‏'‏ سيتي جروب‏"‏ ميريل لانش‏"‏ مورجان ستانلي‏.‏

واخيرا‏..‏ وبينما تقع صناديق الثروة السيادية العربية بين سندان تقلبات اقتصادية كلفت هذه الصناديق خلال العامين المنصرمين مليارات من الدولارات‏,‏ ومقصلة الانتقادات السياسية الحادة التي قد تؤدي للحد من حرية ممارساتها يبقي السؤال‏'‏ هل تبحث صناديق الثروة السيادية العربية عن وجه جديدة تكون اكثر أمنا وأقل انتقادا لاستثماراتها ؟ وهل يكون هذا الاتجاه شرقا؟‏'‏

0 تعليقات