الحياة اللندنية 

الجمعة 30 يناير 2009

نجوم وول ستريت تخلفوا عن حضور «منتدى دافوس»

لقيت كلمتا رئيسي الوزراء الصيني وين جياباو والروسي فلاديمير بوتين، في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي، اهتماماً كبيراً، إذ حدد الرجلان بوضوح معالم المشهد الاقتصادي العالمي المطلوب، ليس فقط للخروج من الأزمة، بل وصولاً كذلك إلى نظام اقتصادي ومالي عالمي متوازن، قابل للاستمرارية من دون عثرات أو تقلبات مفاجئة. ولم تخل الكلمتان من انتقادات للنظام الرأسمالي، خصوصاً كلمة بوتين، الذي حرص على تذكير الولايات المتحدة بأنها أكدت في المنتدى ذاته السنة الماضية أن اقتصادها قوي ولا يعاني أزمة، بينما كانت الأمور تسير نحو خسائر فادحة وصفها بوتين بأنها «أتت على جميع الأرباح التي حققتها وول ستريت خلال ربع قرن كامل». وربما يبرر هذا الهجوم تواري «نجوم» بورصة نيويورك، الذين كانوا يحرصون على الظهور في المنتدى في شكل لافت للنظر.

وفي انتقاد واضح للرأسمالية على الطريقة الأميركية قال بوتين مساء أول من أمس: «هذا الرخاء لم يُكتسب بالعمل، بل انه الرخاء الذي تحقق بالدين الواجب تسديده من قبل الأجيال المقبلة، وكان لا بد من أن ينهار هرم التوقعات هذا كله إن عاجلاً او آجلاً، وهذا ما يحدث أمام سمعنا وبصرنا». وانتقد تمسك بعضهم بما وصفه «الاعتقاد الساذج» بأن الدول لا يمكنها حل المشكلات، لكنه لم يؤيد سيطرة الدولة في شكل كامل على الاقتصاد، استناداً إلى تجربة الاتحاد السوفياتي السابق في «غلق الأبواب أمام المنافسة التجارية فدفعنا ثمنها باهظاً»، بل إن تلك السيطرة الكاملة لن تجنب العالم «العاصفة التي تضرب اقتصاده اليوم». ورأى إن فرض قدر معين من إجراءات الحماية «قد يبدو أمراً حتمياً في ظروف الأزمة الراهنة»، مركزاً على ضرورة الابتعاد عن «الانعزالية والأنانية الاقتصادية الجامحة».

وحذر من خطورة الاعتماد في شكل زائد على عملة واحدة (الدولار) كعملة احتياط، ما أدى إلى خلل خطير في منظومة النمو الاقتصادي العالمي ذاتها، «إذ يقوم مركز إقليمي واحد بطبع النقود بلا توقف ويستهلك الخيرات، بينما يقوم مركز آخر بإنتاج السلع الرخيصة ويدخر النقود التي تطبعها الدول الأخرى».

وبلغ في كلمته حد اعتبار أن «مناطق كبيرة من العالم، منها أوروبا، أضحت في هذه المنظومة مثابة أقاليم ريفية منعزلة في العمليات الاقتصادية العالمية، ومعنى ذلك أنها بعيدة من اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية الرئيسة والحيوية». وأدت تلك العوامل، إلى عدم تناسب توزيع الرخاء الناشئ سواء بين شرائح السكان في دول معينة أو بين مختلف بلدان العالم ومناطقه. ودعا إلى اعتماد مجموعة من العملات عوضاً عن الدولار، متوقعاً ظهور عدد من العملات المحلية القوية في المستقبل، وطالب بتشجيع هذا التوجه الذي وصفه بـ«المفيد للغاية».

وأكد أن روسيا تعارض تخصيص مزيد من الأموال للإنفاق العسكري كوسيلة لحفز النمو الاقتصادي، باعتبار ان ذلك سيزيد المشكلة تفاقماً، كما دعا إلى عودة التوازن إلى أسعار الطاقة وتأسيس هيكل قانوني دولي جديد لأمن الطاقة.

أما سبل إصلاح النظام المالي والاقتصادي العالمي فرأى بوتين أنها يجب أن تبدأ بعلاج المشكلة من خلال وضع معايير جديدة لأنظمة الرقابة المالية والمحاسبات ونظام تقدير الأخطار المالية، مؤكداً ضرورة التعامل على أساس القيمة الفعلية للأصول والموجود منها، وليس القيم الافتراضية التي تضع بعض الشركات في مكانة أكبر من حجمها في الواقع، ومشيراً في أكثر من موضع إلى الفارق بين اقتصاد الواقع والاقتصاد الافتراضي، وخطورة اعتماد الأخير كأساس للتعاملات والمبادلات، «لأن اقتصاد المستقبل يجب أن يكون اقتصاد قيم فعلية».

وتتفق دعوة بوتين وأفكاره التي طرحها مع ما طالب به رئيس الوزراء الصيني من «نظام اقتصادي عالمي جديد» يجب أن «يتغلب على المصاعب الحالية ويعمل أيضاً من اجل إقامة نظام عادل ومتوازن وصلب ومستقر يبدأ بإصلاح المؤسسات المالية العالمية الكبرى بما يضمن حضوراً أقوى للدول النامية فيها».

واتفق رئيس الوزراء الصيني مع نظيره الروسي على ضرورة تطوير النظام النقدي العالمي بقدر أكبر من التنوع، يلغي تدريجاً هيمنة الدولار على التعاملات العالمية. كما التقى الرجلان في أن التعاون الدولي هو الرد الأمثل على الأزمة المالية الأكثر فداحة منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي. أما المواجهة فستكون لها آثار ضارة على العالم، ما أشار إليه بوتين من ضرورة عدم التركيز على الإنفاق العسكري.

وقال النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي ايغور شوفالوف ان روسيا لن تقدم شيكات على بياض لإنقاذ كبار رجال الأعمال الذين تضرروا من الأزمة الاقتصادية العالمية، وان الدولة تتوقع الحصول على مقابل لإنقاذهم. ويواجه بعض من أغنى أغنياء روسيا الذين اقترضوا بلايين الدولارات خلال سنوات الازدهار في عهد رئاسة بوتين، صعوبات لأن قيمة الضمانات التي قدموها للحصول على القروض، تدهورت. وأنفقت روسيا مبالغ كبيرة لمساعدة رجال أعمال مثل أوليغ ديريباسكا، أحد أباطرة المعادن، الذي كان ذات يوم أغنى رجل في روسيا، على تسديد ديونهم.

0 تعليقات