الوفد المصرية 

الجمعة 26 ديسمبر 2008

عثمان‮«: ‬الأزمة العالمية مقصود منها‮ »‬جرجرة‮« ‬أغنياء البترول لسداد ديون الكبار بأمريكا 

كتب: عبدالرحيم أبوشامة وصف الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية الازمة المالية العالمية بانها ازمة عادية مقارنة بالازمات التي‮ ‬وقعت خلال القرن ونصف القرن الماضي‮ ‬واكد ان هذه الازمة لن تستمر اكثر من‮ ‬18‮ ‬شهرا إلي‮ ‬عامين‮.‬

وتوقع الوزير خلال ندوة نظمها معهد التخطيط القومي‮ ‬حول التنمية وتحديات المتغيرات العالمية الراهنة ان العام القادم سيكون عاما صعبا‮ ‬غير ان مصر قادرة علي‮ ‬التعامل مع تداعياته‮.‬ وأكد ان مشكلتنا القادمة في‮ ‬مصر لن تكون الغلاء وإنما البطالة مشيرا إلي‮ ‬ان معدلات التضخم سوف تنخفص كثيرا بسبب الازمة وتزيد البطالة خاصة في‮ ‬القطاعات النشطة كالصناعة التمويلية والسياحة والتشييد والبناء ولفت إلي‮ ‬ان هذه القطاعات ليس للحكومة تأثير عليها‮.‬

وأشار إلي‮ ‬توقع حدوث انخفاض في‮ ‬استثمارات القطاع الخاص المصري‮ ‬والاجنبي‮ ‬كما توقع انكماش الاستثمارات العربية بسبب حالة الفزع التي‮ ‬تسود الدول حاليا وانخفاض اسعار البترول‮.‬ وقال ان اللاعب الاساسي‮ ‬هو القطاع الخاص المصري‮ ‬في‮ ‬التنمية ولكنه انتقد التخوف الذي‮ ‬يسيطر علي‮ ‬المستثمر المصري‮ ‬والذي‮ ‬بدأ‮ ‬يتقمص دور‮ ‬نظيره الامريكي‮ ‬واكد ان هذا التخوف ليس له مبرر لان‮ ‬80٪‮ ‬من الناتج المحلي‮ ‬يتحقق من الطلب الداخلي‮ ‬والذي‮ ‬لم‮ ‬يحدث له اي‮ ‬تغيير وان الحكومة ليست بديلا عن القطاع‮.‬

واعلن الوزير استعداد الحكومة لضخ مزيد من الاموال في‮ ‬حال انخفاض الاستثمارات الاجنبية أو استثمارات القطاع الخاص ولو ادي‮ ‬هذا إلي‮ ‬ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة رغم خطورتها وان الحكومة متمسكة بهدفها في‮ ‬المحافظة علي‮ ‬معدلات نمو جيدة واكد انه سيتم الاسراع في‮ ‬تنفيذ المشروعات التنموية المقررة العام الحالي‮ ‬وانه سيتم زيادة الانفاق العام لمواجهة تداعيات الازمة كما سيتم زيادة دعم قطاع التصدير بشرط الحفاظ علي‮ ‬معدلات التشغيل لديه وزيادة الصادرات‮.‬

وقال الوزير ان هناك اجراءات سوف‮ ‬يتم اتباعها لمواجهة اثار الازمة في‮ ‬الاجلين القصر ويالطويل تستهدف المحافظة علي‮ ‬معدلات الفقر ومستوي‮ ‬المعيشة‮.‬ ‮ ‬وأكد‮ »‬عثمان‮« ‬ان الحكومة لا تستطيع إلزام البنك المركزي‮ ‬بخفض او رفع معدلات الفائدة‮.‬ هاجم الوزير دور صندوق النقد الدولي‮ ‬في‮ ‬ظل الازمة الحالية وقال ان جميع تصريحات رئيسه حاليا بلا قيمة وانه لم‮ ‬يقدم شيئا‮. ‬

واشار إلي‮ ‬سقوط مؤسسات‮ »‬بريتن وودز‮« ‬وان الازمة مقصود منها علي‮ ‬حد تعبيره‮ »‬جرجرة‮« ‬الاخرين خاصة أغنياء البترول لسداد ديون الكبار في‮ ‬أمريكا‮.‬ وأكد الدكتور مصطفي‮ ‬السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ووزير الاقتصاد الاسبق ضرورة إعادة النظر في‮ ‬الفكر الاقتصادي‮ ‬القائم والسائد قبل الازمة المالية العالمية‮. ‬

واشار إلي‮ ‬ان الازمة اثبتت ان توافق واشنطن لا‮ ‬يتفق مع مصالح الدول النامية وان الدول التي‮ ‬تطبق هذا الفكر استطاعت تحقيق معدلات نمو مرتفعة مثل الصين والهند‮.‬ وطالب‮ »‬السعيد‮« ‬بضرورة بحث هذا النظام ليكون اكثر فاعلية للبعد الاجتماعي‮ ‬والتنمية الاقتصادية‮ ‬وقال ان جميع الازمات نشأت نتيجة لزيادة الفكر الحر والتشدد اليميني‮ ‬الذي‮ ‬يري‮ ‬ان السوق وحده هو القادر علي‮ ‬فعل كل شيء وان الدولة لن تتدخل‮.‬ وأكد حاجة مصر إلي‮ ‬التفكير في‮ ‬الادوات المالية والنقدية الكفيلة لمواجهة الازمة‮. ‬واوضح ان التطورات الاخيرة لن تفقد الولايات المتحدة الامريكية ترتيبها الاول في‮ ‬الانتاج العالمي‮ ‬الذي‮ ‬يمثل نحو‮ ‬16٪‮ ‬وان الدولة التي‮ ‬تليها اليابان بنحو‮ ‬4‭.‬7٪‮ ‬ولكنها ستفقد سيطرتها علي‮ ‬العالم‮.‬ وطالب باستفادة العرب من الازمة الراهنة‮. ‬كما طالب بالتوازن وضرورة تدخل الدولة في‮ ‬السوق وان القطاع الخاص في‮ ‬المرحلة الحالية لن‮ ‬يستطيع ان‮ ‬ينفرد بالتنمية في‮ ‬مصر وليس مؤهلا لها بعد‮.‬ وقال الدكتور مصطفي‮ ‬احمد مصطفي‮ ‬المستشار بمعهد التخطيط القومي‮ ‬ومنسق سيمنار المعهد للعام الحالي‮ ‬ان المؤسسات المالية الدولية التي‮ ‬أفرزها اتفاق‮ »‬بريتن وودز‮« ‬مثل صندوق النقد الدولي‮ ‬والبنك الدولي‮ ‬ثبت فشلها ويجب ان تبحث الامم المتحدة عن اقرار نظام آخر او تعديل اساليب محل هذه المؤسسات‮.‬ وأكد الدكتور ابراهيم العيسوي‮ ‬المستشار بمعهد التخطيط القومي‮ ‬ان الآثار السلبية للازمة العالمية وقعت علي‮ ‬مصر باسرع ما‮ ‬يمكن وبدأت بعض الآثار الانكماشية في‮ ‬الاقتصاد في‮ ‬الظهور منذ بداية الربع الاول من العام الحالي‮ ‬2009‭/‬2008‮ ‬وتوقع مزيدا من الاثار السلبية خلال الفترة القادمة‮.‬ ووصف‮ »‬العيسوي‮« ‬الاجراءات التي‮ ‬اتخذتها الحكومة لمواجهة الازمة بانها‮ ‬غير كافية وان التحرك نحو تنفيذها بطئ وان بعض هذه الاجراءات‮ ‬غير مبرر كما ان هناك اجراءات جيدة مثل زيادة الانفاق في‮ ‬البنية الاساسية‮.‬ وأكد ان الحكومة لم تلتفت إلي‮ ‬زيادة الدعم والاعانات للمواطنين لمواجهة الازمة وترشيد الانفاق‮ ‬غير الضروري‮ ‬وإعادة ترتيب أولويات الانفاق العام وهو ما لم تفكر فيه الحكومة المصرية‮.‬ كما اشار إلي‮ ‬ان الازمة تتطلب مواجهتها فرض ضريبة علي‮ ‬الارباح في‮ ‬البورصة والضريبة علي‮ ‬الارباح الربحية وقال ان‮ »‬كينزي‮« ‬المفكر الاقتصادي‮ ‬المعروف كان‮ ‬يعتبر ان الاستثمار في‮ ‬البورصة مضاربة ويجب ان‮ ‬يكون الدخول فيها‮ »‬مقيدا‮«.‬ وأوضح ان التمويل المصرفي‮ ‬للمشروعات الصغيرة امر جيد ولكن لم‮ ‬يتم النظر إلي‮ ‬قضية تحركات رأس المال عبر الحدود وطالب بالتريث في‮ ‬تحرير الخدمات في‮ ‬مصر ومراجعة قانون الضرائب العامة الصادر في‮ ‬عام‮ ‬2005‮ ‬حتي‮ ‬يكون اكثر تصاعدية ومشتملا علي‮ ‬ضرائب الارباح‮ »‬الريعية‮« ‬الناتجة عن تسقيع الاراضي‮ ‬والبورصة وغيرها‮.‬ كما طالب بوقف برنامج الخصخصة وتصحيح الخلل في‮ ‬الاستثمار العقاري‮. ‬

طالب‮ »‬العيسوي‮« ‬رجال الاعمال بان‮ ‬يتحملوا جزءا من الازمة موضحا انهم تمتعوا السنوات الطويلة بكسب المزايا والحوافز والاراضي‮ ‬وعليهم الان تحمل مسئوليتهم وتوقع الا‮ ‬يتجاوز معدل النمو‮ ‬4‭.‬5٪‮ ‬العام القادم مشيرا إلي‮ ‬التقديرات المتضاربة بين مصر والمؤسسات الدولية والدخول حاليا في‮ ‬مرحلة الركود العالمي‮.‬

ودعا إلي‮ ‬فترة انتقالية ليتم تطبيق ما‮ ‬يسمي‮ ‬باستراتيجية التنمية المستقلة والتي‮ ‬تهدف إلي‮ ‬الاعتماد علي‮ ‬المصادر الوطنية في‮ ‬التنمية وتحريرها من الاجانب والنهوض بالتعليم والبحث العلمي‮ ‬والقطاعات الخدمية والعودة لنظام التخطيط وتنظيم الموارد واحداث زيادة ضخمة في‮ ‬الادخار المحلي‮ ‬وضبط علاقات الاقتصاد الوطني‮ ‬مع الخارج وذلك لاكساب الاقتصاد المصري‮ ‬الحصانة ضد وقوع ازمات مماثلة‮.‬

0 تعليقات