كتب: صلاح الدين عبدالله انفض مولد 2008 تاركا خلفه ذكريات مؤلمة للمتعاملين في البورصة.. فقد شهد سوق الأوراق المالية أسوأ أعوامه علي الإطلاق منذ العمل بالبورصة في تسعينيات القرن الماضي. بحق كان الأغرب في تاريخ البورصة.. حمل 2008 في طياته أكثر من علامة استفهام حول إعادة النظر في كثير من النـظريات الاقتصادية.. ففي هذا العام انكشف المستور وأزيح الستار عن الرأسمالية الحديثة لتتهاوي مع أول اختبار حقيقي واجهته. انهيار مفهوم القيم العادلة للأصول وكذلك سقوط بنوك الاستثمار في العالم، رغم أنه نفس العالم الذي ولدت فيه ككيان كبير. بداية العام الماضي كانت امتدادا لعام 2007 الذي شهد أفضل فترات البورصة بفضل التقارير الاقتصادية عن أداء الاقتصاد، والذي استقطب فئات من المستثمرين الجدد سواء عربا أو مصريين. ويكفي أن السوق استجاب لكل هذه الأحداث حينما سجل أعلي نقطة تاريخية في 5 مايو الماضي وهو نفس تاريخ قرارات »مايو« المشئومة التي غيرت مسار اتجاهات البورصة. في تلك اليوم سجل المؤشر الرئيسي للبورصة أعلي نقطة تاريخية حينما وصل إلي مستوي 11.935 نقطة بما يعادل 13٪ ارتفاعا منذ »مطلع« يناير الماضي حتي »مايو«. ولكن تغير الحال منذ قرارات »مايو« والتي شملت زيادة حصيلة الضرائب من المناطق الحرة، وكذلك إلغاء الإعفاء الذي تتمتع به المنشآت التعليمية الخاصة، بالإضافة الي زيادة ضريبة المبيعات علي البنزين والسولار، لتكون البداية المظلمة منذ تلك اليوم، حيث توالت الكوارث ما بين محلية تتصدرها أحداث هشام طلعت مصطفي وحريق الشوري والتضخم وعالميا نتيجة الأزمة المالية العالمية«. وهو ما دفع المؤشر لأن يخسر أكثر من ٦٦٪ من قيمته خلال العام. كلها أحداث غيرت مسار البورصات العالمية بما فيها السوق المحلي الذي خلف ذكريات أليمة، وأحزانا، وانتحارا وكوارث غير مسبوقة« ألمت بصغار المستثمرين وقبلهم السوق. لم ننس فشل صفقة بيع بنك القاهرة، بعد استحواذ بنك مصر علي القاهرة في ٥٢سبتمبر ٥٠٠٢ والعمل علي إعادة هيكلة البنك، تمهيدا لبيعه، وتنظيف محفظة قروض البنك خاصة ما يتعلق بشأن الديون المتعثرة. تناقضات غريبة لم يكن أسوأ المتشائمين يتوقعها في سوق الأوراق المالية فمازلنا نتذكر ضحايا الانهيارات المتتالية فمنهم الذي لقي حتفه منتحرا، ومن مات كمدا علي فقدان أمواله. لم يجد عصام مصطفي - العضو المنتدب لشركة نماء لتداول الأوراق المالية تعليقا علي أحداث العام الماضي سوي قبول عام غريب تلاطمت فيه الأحداث، ليضع معها أكثر من علامة استفهام حول ضروريات إعادة النظر في المسلمات. فقد كان العام انكشافا للمستور وتعدد الأكاذيب وانهيار المسلمات.. فهو عام فضيحة الرأسمالية الحديثة في البورصة، لتتأزم معها التنبؤات بوضع البورصة في ظل سقوط بنوك الاستثمار العالمية. فمثلما بدأت هذه البنوك انتهت في نفس العام، يزداد الأمر سوءا مع انهيار مفهوم القيم العادلة للأصول، وكذلك »الإفلاس« الذي فشلت المؤسسات في علاجه بوسائل سريعة كانت قادرة علي الحد من تفاقم تداعيات الأزمة. لم يكن ذلك فقط من أحداث أثرت بشكل مباشر علي السوق ولكن ساعدت عدة أمور كان الأولي علي الحكومة القيام بها وهي رفضها إيقاف التداول اللحظي وإعادة النظر في خطة التطوير التي تزامنت مع الأزمة، وكذلك رفض وضع قيود علي البورصة واستمرار ترابطها بالخارج. وكل ذلك علي حد تفسير العضو المنتدب لشركة نماء يجعلنا نعيد النظر مع نهاية العام في كل ما تم إقراره، وانعكس ذلك بالشعور بعدم ايجاد منظومة منظمة مع الأزمة، بالإضافة الي عدم رؤية وطنية واضحة.. فنحن تحررنا من سوق دولة مؤسسات فيه اشتراكية بحتة الي دولة مؤسسات أفراد. فالبورصة مرت بثلاث فترات أولاها انكشاف الحقائق، ثم كشف عورة السلطة، وأخيرا الانهيار العالمي. واستمرارا لمسلسل الأحداث في البورصة خلال العام الماضي كما يحددها الدكتور أحمد النجار مدير إدارة البحوث بشركة بريمير للسمسرة نجد أن قرارات مايو برفع الأسعار وزيادة إيرادات الحكومة وتغيير السياسة المالية للدولة والضرائب أثرت بشكل مباشر علي ارتفاع معدلات التضخم الذي التهم أرباح المستثمرين في البورصة ثم توالت العديد من الأحداث السيئة وتخفيض المؤسسات الدولية لتصنيف مصر الائتماني والاستثماري من ايجابي الي مستثمر ومحايد، ثم جاء إعلان إفلاس ليمان برارذرز وبيع بنك »ميريل لينش« وتأميم عمالقة التمويل العقاري »فريدي« و»ماك« ليكون بذلك صدمة وضربة قاسمة في ظهر البورصة العالمية، وبالتالي المحلية. الاستثمار العقاري حسب تحليل ناجي هندي مدير إدارة أسواق المال والمحافظ بنك مصر إيران سجل مستويات سعرية مبالغا فيها وكذلك السلع الغذائية، كما تأثرت البورصة بارتفاع أسعار البترول الذي سجلت أرقاما قياسية بلغت ٧٤١ دولارا للبرميل مطلع يوليو الماضي، وانعكست هذه الأحداث سلبيا علي البورصة، بعد التخارج المكثف للأجانب لتبدأ معها حالة الركود. وفي ظل تصارع هذه الأحداث زاد المعروض من عدد الأسهم لنقل قيمتها لأكثر من ٠٥٪ لعدم توافر المشتري. وتحاول الحكومة حسب قوله الخروج بأقل الخسائر من هذه الأزمة بضخ استثمارات بنحو ٥١مليار جنيه للينية التحتية.
منقول
0 تعليقات
إرسال تعليق