خاص مباشر 

الخميس 27 نوفمبر 2008

توالت خطط الإنقاذ والاجتماعات الطارئة من كل حدب وصوب وذلك في محاولة من جانب الدول لانقاذ ما يمكن انقاذه ومحاولة لمواجهة تلك الأزمة المالية التي كادت أن تقضي على الأخضر واليابس ورغبة من تلك الدول في عدم تفشى أثر تلك الأزمة على اقتصاداتها أكثر مما أوقعته حيث أدى القلق من قوة أزمة الائتمان إلي خروج المستثمرين من الأسواق المالية والذي أدي بدوره إلي انهيار كبير علي مستوي العالم، كما صاحب أزمة الائتمان مخاوف كثيرة من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما أكده مؤخرا صندوق النقد الدولي عندما خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي بنسبة 0.8 % ليصل إلي 2.2 % للعام 2009 ، بالإضافة إلى الإنخفاض الحاد في أسعار خام النفط وذلك بعد أن بلغت أقصي ارتفاع لها في شهر يوليو من العام 2008 وكذلك عمليات البيع المفزعة من جانب المستثمرين والتي شملت الأسواق العالمية بلا استثناء.

الكل يتسائل.. أين خطط الانقاذ في الدول العربية?

في الوقت الذي اتجهت فيه كل دول العالم لإنقاذ أسواقها المالية عبر خطط معلنة عن طريق ضخ أرقاماً فلكية في شرايين أسواقها المالية، حيث بات دعم الشركات الاستثمارية أمرا ملحا في ظل ازمة اقتصادية عالمية جعلت الجميع في عين العاصفة لم نسمع حتي الآن عن مثل هذه الخطط في الدول العربية والخليجية بحيث تكون خطة انقاذ واضحة ومحددة لمواجهة تلك الأزمة حيث أصبحت خطط الانقاذ ضرورة في ظل إجماع عدد من الخبراء في الاقتصاد أن اقتصاديات دول الخليج " ستتضرر بشدة" بدءا من العام القادم في حال استمر الهبوط الكبير في أسعار النفط خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، خاصة إذا ما هوت الأسعار إلى ما دون الـ 50 دولارا، اللهم إلا اصدار بعض التطمينات والتي تركز معظمها في التأكيد على عدم تأثر الدول العربية بتلك الأزمة وأيضا التأكيد على سلامة مصارفها وبنوكها من الناحية المالية وأنه لا تزال تلك الاقتصادات قوية هذا بالإضافة إلى بعض القرارات والتي كان منها خفض أسعار الفائدة.

ففي الكويت تم الاكتفاء بالحديث عن انشاء محافظ استثمارية ولكن لم تخرج للنور بعد وذلك على الرغم مما حدث من مشاكل كبيرة لبنك الخليج على إثر تلك الأزمة، الجدير بالذكر أن البورصة الكويتية قد توقفت ليومين خلال نوفمبر بعد حكم قضائي.

وعلى مستوي الامارات وجه مؤخرا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بتشكيل لجنة عالية المستوى لبحث انعكاسات الأزمة المالية العالمية الراهنة على اقتصاد دبي لكنها لم تقم بأعمال على أرض الواقع حتي الآن.

بينما وعلى صعيد المملكة السعودية والتي شاركت مؤخرا في قمة مجموعة العشرين فلم تقدم أيضا خطة محددة لمواجهة الأزمة مكتفية إلى جانب التطمينات بإصدار بعض القرارات والتي تمثلت في تخفيض أسعار الفائدة وخفض نسبة الاحتياطي الالزامي.

وقد يرجع السبب الرئيسي في عدم توجه الدول العربية إلى تقديم خطط انقاذ مجتمعة أو منفرده إلى عدم اعتراف تلك الدول بتأثرها أساسا بالأزمة المالية الطاحنة.

وعن سؤاله لماذا تأخرت الدول العربية في تقديم خطط انقاذ لمواجهة تلك الأزمة تعجب الدكتور فخرى الفقى ( أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة) موضحا أن هذا السؤال نطرحه جميعا وهو ما السبب وراء عدم تقديم تلك الدول خطط انقاذ واضحة و ما السبب في ذلك:

- هل هو لعدم قدرة تلك الدول فى التقدم بخطة للانقاذ وذلك لعدم وجود كفاءات أو خبراء يقومون بعمل هذه الخطط فإن كان كذلك فمن الممكن أن يستأجروا خبراء يقومون بعمل هذه الخطط?

- ام خوفا من الشفافية والمصارحة لأنها من الممكن ان تعمل على إقالة حكومات أو مجموعات اقتصادية أو أصحاب مصالح.

- أم أن هذا التأخر ناتج إلى أن الصورة لم تتضح بعد لهم وعندهم الكوادر لمعرفة أصل الأمر ومنتظرين ليروا ماذا سيحدث ويظنون أن الأمور من الممكن أن تتحسن , إن كان كذلك فهم غير مقدرين خطورة الموقف.

هذه ثلاث سيناريوهات لكن أقربهم إلى الحقيقة والصحة إننا بطبيعتنا نفضل الانتظار ويمكن الأمور تتحسن ولكن كل ما بنتأخر في وضع خطة للانقاذ والمسئولين يقولوا ايه اللى هايحصل فالأفراد والقطيع ممكن يحصلهم ذعر مالي.

مبينا أن السبب قد يكون في أن الدول مازالت تعتقد أنها مهيمنة وبالتالي فمن الممكن أن يكون في حسبانهم أن الدولة سستتدخل بطريقة أو بأخري إذا حدث شيئ ويمكن لها أن تتداركة بسرعه ولكن القضية تتمثل في أن الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص مش عارفين إيه اللي بيحصل.

كل ذلك كان على مستوي الاقتصاد حيث صرح المسئولين أنه لا تأثير بالأزمة وإن كان فتأثيرها ضعيف أما من ناحية الأسواق المالية ( البورصة) فالأمر مختلف تماما حيث كان للدول العربية والخليجية النصيب الأكبر من تلك الأزمة وهذا ما وضح جليا في كل أسواقنا العربية في أسواق دبي والسعودية ومصر والكويت وغيرها من الدول والتي شهدت تراجعات حادة في أسواقها بدون أسباب واضحة تتعلق باقتصاديات تلك الدول غير مشكلة عدم الثقة وتأثر المتداولين النفسي في تلك الأسوق بما يحدث في كل أسواق العالم حيث أن الأسواق ليست بمعزل عن بعضها وقد يكون من أسباب ذلك الهبوط الحاد في الاسواق هو عدم خروج المسئولين في تلك الدول عن صمتهم عقب تلك التراجعات ليبين للمتداولين تأثير تلك الأزمة على بلادهم.

خطط الانقاذ في الدول العالمية

بالرغم من أن الأزمة المالية العالمية انطلقت من أمريكا، لكنها كشفت وجود خلل في سائر الأنظمة المالية حول العالم فبدأت المطالبات بإيجاد خطط انقاذ على نطاق واسع حيث كان منها التالي:

- استبقت الولايات المتحدة الدول في تقديمها خطة انقاذ فور وقوع الأزمة وذلك على الرغم من أن ذلك يتنافي مع النظام الرأسمالي الذي تتبعه الولايات المتحده حيث بدأت بضخ 700 مليار دولار لكبح جماح تلك الأزمة إلا أنها بالطبع كانت الأزمة أكبر من ذلك فطالب الرئيس الجديد باراك أوباما الكونجرس الأمريكي مجددا بإقرار خطة إنقاذ ثانية لإنعاش الاقتصاد قيمتها 800مليار دولار والتي تهدف الى دعم قروض الاستهلاك وقطاع العقارات هذا بالاضافة إلى ما أعلن عنه مؤخرا من قبل الحكومة الأمريكية من ضخ 20 مليار دولار لإنقاذ مجموعة " سيتي جروب" المالية ( والتي تعد من أكبر المؤسسات المصرفية ويمتد نشاطها إلي 100 دولة حول العالم) من براثن إفلاس قد يؤدي إلي انهيارات مصرفية تمتد آثارها إلي جميع أنحاء العالم.

- اتفق قادة دول منطقة اليورو الخمسة عشر، خلال قمتهم الطارئة التي عُقدت في العاصمة الفرنسية باريس على خطة لإنقاذ النظام المالي بالمنطقة وأعلن ذلك الاتفاق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، وقال ساركوزي إن الاتفاق سيعمل على ضخ السيولة في المصارف وتقديم ضمانات للقروض، ومؤخرا وتحديدا بتاريخ26 نوفمبر الجاري كشف رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو النقاب رسميا عن خطة إنعاش اقتصادي تبلغ قيمتها 200 مليار يورو (260 مليار دولار) تستهدف مساعدة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية والإفلات من الوقوع في هاوية الركود، وقال باروسو إن الجانب الأكبر من تمويل الخطة ويبلغ 170 مليار يورو سيقع على عاتق حكومات الدول الأعضاء، أما المليارات الثلاثين المتبقية فستتحملها المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي.

- تعهدت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، بتنفيذ " خطة تحرك" من خمس نقاط؛ لمواجهة الأزمة التي تعصف بأسواق المال والمصارف العالمية، مؤكدة أن هذه الخطة ستوقف مسلسل إفلاس المصارف الكبرى، والنقاط الخمس التي تعهدت بها مجموعة السبع هي: مواصلة العمل معا من أجل استقرار الأسواق المالية، وإعادة تدفق القروض لتحريك الأسواق النقدية وتمكين المؤسسات المالية من الحصول على السيولة و" الرساميل" ، واتخاذ إجراءات حاسمة لدعم المؤسسات المالية الكبرى والحيلولة دون إفلاسها، فضلا عن مطالبة الحكومات بتحركات ملموسة لاستعادة ثقة المودعين من خلال تأمين ودائعهم عن طريق ضمانات " قوية ومتماسكة".

- ولما لم تصلح خطط الدول الصناعية السبع الكبري في إنقاذ الوضع المتفاقم تم عقد اجتماع على نطاق أوسع يشمل قادة دول مجموعة العشرين، التي تمثل أكبر اقتصاديات في العالم، والذي وافق على مشروع خطة تهدف إلى تنظيم أفضل لأسواق المال العالمية ووقف التراجع الذي يشهده الاقتصاد العالمي، وذلك في القمة الطارئة التي استضافها الرئيس الأمريكي " جورج بوش" في واشنطن وجرى تحديد موعد نهائي ينتهي في 31 مارس المقبل لوزراء المالية في مجموعة العشرين من أجل صياغة التفاصيل بشأن خمسين مقترحا لمواجهة الأزمة المالية الراهنة ومنع تكرارها، على أن يستتبع ذلك عقد قمة أخرى لزعماء دول مجموعة العشرين يحدد موعدها لاحقا، كذلك وعد القادة في بيانهم الختامي بالحيلولة دون تحمل المؤسسات المالية قدرا أكبر من الديون، فضلا عن فرض مزيد من القيود على وكالات التصنيف الائتماني التي أخفقت في رصد الأزمة المالية، واتفقوا أيضا على وضع قائمة سوداء بالمؤسسات المالية التي تشكل ممارساتها خطرا على الاقتصاد العالمي الذي يواجه حاليا أسوأ أزمة من عام 1929.

الرئيس الأسبق للبنك الدولي.. على الدول الخليجية أن تعالج اقتصادها أولا ثم تمد يد العون للأخرين

وعن رغبة الدول الكبري في الحصول على مساعدات من الدول العربية وعلى رأسها المملكة السعودية نصح الرئيس الأسبق للبنك الدولي جيمس ولفنسون، الدول العربية بعدم مد يد العون المالي للدول الأخرى إلا بعد معالجة وضعها الاقتصادي أولا. مؤكدا على إعطائها أولوية لتطوير التعليم للحد من تأثرها بالأزمة الاقتصادية العالمية، لأن ذلك سيؤثر في سوق العمل؛ فمشكلة البطالة واضحة.

ولفت إلى أن التحدي الأساسي الذي تواجهه دول الخليج في هذه المرحلة هو " البقاء، وبعد ضمان البقاء يمكن محاولة مد يد المساعدة للآخرين".

وحدد ولفنسون مجموعة من التأثيرات السلبية للأزمة على العالم العربي قائلا: " الأزمة تترافق مع تراجع في تحويلات العمال الأجانب لأوطانهم، وكذلك الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الدولية، ودول تعتمد على الخدمات مثل مصر ستخسر الكثير، ليس فقط من عوائد السياحة، بل من انخفاض دخل قناة السويس".

وكان ولفنسون قد نبَّه سابقا في مقابلة مع فضائية " سي. إن. إن" إلى أن " على الدول العربية التي تمتلك صناديق سيادية أن تغير من أساليب عملها، بأن تكف عن شراء المصارف والمؤسسات المالية حول العالم، وأن تركز على حماية اقتصادها من العواصف، ثم تتوجه بما تمتلك من فائض في الأموال إلى مساعدة الدول النامية".

0 تعليقات