الوطن الكويتية  
الخميس 2 أكتوبر 2008

خطة إنقاذ المؤسسات المالية المتعثرة تعتمد بشكل رئيسي على السيولة الأجنبية

ذكرت صحيفة »وول ستريت جورنال« انه من المحتمل ان تعتمد الخطة المرتقبة للنظام المالي الامريكي في نجاحها على البنوك المركزية للصين والشرق الاوسط بنفس المقدر الذي تعتمد به على الكونجرس والاحتياطي الفيدرالي.

وتتطلع الولايات المتحدة الى الحكومات الاجنبية والمستثمرين فيما وراء البحار من اجل شراء مقدار كبير من ديون الخزانة التي تبلغ 700 مليار دولار وذلك من اجل تمويل خطة الانقاذ.

كما ان هناك حاجة الى المستثمرين الاجانب لدعم نضوب واستنفاد رؤوس اصول المؤسسات المالية وعلى سبيل المثال الحاجة الى قيام مجموعة متسوبيشي اليابانية لشراء جزء كبير من الاسهم في مورجان ستانلي الذي يعاني من الديون المعدومة وافتقاره الى ثقة السوق.

التاريخ يعيد نفسه

وذكرت الصحيفة ان الفترة التي يمر بها الاقتصاد الامريكي الان تعتبر اكثر الفترات التي تشهد مشاعر مختلطة من الحزن والفرح، واوضحت الصحيفة ان الاهتمام المتزايد للنقد الاجنبي يمثل انتصارا للتحول الامريكي لانتهاج مبدأ اللجوء الى النظام المالي العالمي الذي فيه تتدفق الاموال من اولئك الذين يمتلكونه الى اولئك الذين يكونون بحاجة اليه، غير ان هذه الفترة تعتبر علامة واضحة عن التدهور الاقتصادي الامريكي.

وقد اوضحت الازمة المالية في الولايات المتحدة الى اي حد اصبحت مصالح مانحي القروض الاجانب ذات اهمية كبرى في واشنطن، وذكر المسؤولون الماليون في الولايات المتحدة ان طمئنة مانحي القروض الاجانب بما فيها الصين كانت من الاسباب المهمة التي دعت الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الحزانة الامريكية للتدخل لانقاذ عمالقة الرهون العقارية فاني ماي، فريدي ماك، وذلك وفقا لما ذكره المسؤولون الماليون في الولايات المتحدة.. ومما يذكر ان الصين تسيطر على ما قيمته تريليون دولار من الديون الامريكية.

ومما يوضح تغير الظروف وتحولها للاسوأ بالنسبة للولايات المتحدة فمنذ عشر سنوات كانت الولايات المتحدة تشرف على الانقاذ المالي للدول الاسيوية غير انها تحولت اليوم الى اكبر دولة مقترضة لديون معدومة في مجال الرهون العقارية.

وبما لا شك فيه ان تحول الاحوال للاسواء بالنسبة يعتبر شيئاً صعباً تحمله بالنسبة للولايات المتحدة وفي خطاب اخير اذاعه التلفزيون الامريكي ذكر الرئيس الامريكي جورج بوش ان الازمة المالية الحالية ترجع الى المبالغ الضخمة التي تدفقت الى الولايات المتحدة من المستثمرين الاجانب بدلا من ان يلقي اللوم على القرارات التي تتسم بالطمع التي اتخذها مانحو قروض الرهونات الامريكية بالاضافة الى المقترضين.

السيولة الاجنبية

وفي المناظرة الاخيرة انتقد كل من المرشح الجمهوري للرئاسة الامريكية جون ماكين والمرشح الديموقراطي باراك اوباما الاعتماد الاقتصادي على الصين.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ان التاريخ يشهد بانه قد تعرضت الدول القوية للاذلال والمهانة بواسطة المغالاة في الاعتماد على رؤوس الاموال الاجنبية وذكر براد سيتسر المحلل الاقتصادي في مجلس العلاقات الاجنبية ان بريطانيا اضطرت لانهاء سيطرتها على قناة السويس في 1956 بسبب المعارضة الامريكية وكان السلاح الرئيسي الذي استخدمته الولايات المتحدة مع بريطانيا في ذلك الوقت هو التلويح بالتهديد بخفض الدعم المالي الى بريطانيا التي كان اقتصادها يعاني في ذلك الوقت من تداعيات الحرب العالمية الثانية.

واوضحت الصحيفة ان الظروف الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة تجعلها ليست في حالة افضل من حالة بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية غير ان الولايات المتحدة لا تزال هي الدولة العظمى الوحيدة عسكريا بالاضافة الى ان الدولار الامريكي لا يزال هو المسيطر على الساحة الاقتصادية العالمية وحيث ان الدولار هو المهيمن على الساحة الاقتصادية العالمية فان الولايات المتحدة وحدها بامكانها طبع الدولارات التي تحتاجها لتسديد الديون المتزايدة.

السيطرة الاجنبية

وبالرغم مما سبق ذكره فان مانحي القروض الاجانب لديهم القدرة الكبيرة من السيطرة والنفوذ واذا كان مطلوب منهم التدخل لخفض الديون الحكومية الامريكية فان اسعار الفائدة المطلوبة لجذب مشتري سندات الخزانة سوف تتزايد.

اجراءات مضادة للدولار

ومن غير المحتمل ان تتخذ السعودية والصين والدول الكبرى المالكة لاوراق مالية اجراءات مضادة للدولار ويرجع ذلك ان هذه الدول تمتلك مبالغ ضخمة من الديون الامريكية وفي حالة انخفاض سعر الدولار فان قيمة حيازات هذه الدول من الاوراق المالية سوف تنخفض ويطلق لورانس سامرز وزير الخزانة الامريكية السابق على هذا الوضع »التوازن المالي للرعب« اي ان خوف هذه الدول من تكبدها خسائر في حالة قيامها بخفض قيمة الدولار سوف يحقق التوازن للاقتصادي الامريكي.

وذكرت الصحيفة انه من السذاجة ان نفترض ان هذا المبدأ سوف يؤدي الى حماية المصالح الامريكية بدون امد محدود.

مستقبل الدولار

وفي هذا السياق اعرب كبار الاقتصاديين الصينيين عن مخاوفهم المتزايدة بخصوص مستقبل الدولار حيث ان تزايد الديون بمقدار 700 مليار دولار سوف يؤدي الى المزيد من خفض سعر الدولار على الاقل في المدى القريب.

وذكرت الصحيفة ان الصناديق السيادية بصفة عامة لم تبادر بشراء المزيد من الاسهم في المؤسسات المالية الامريكية المتعثرة.

وعلى سبيل المثال ابدت هيئة استثمار الصين المزيد من التحفظ والشك بخصوص زيادة استثماراتها في مورجان ستانلي بعد ان واجهت المزيد من النقد في داخل الصين لقيامها بشراء اسهم في الشركات المالية الامريكية المتعثرة.

الإحجام عن الإنقاذ

وفي الشرق الاوسط ايضا نجد ان الصناديق السيادية في الكويت وأبو ظبي تذكر انه ليس لديها خطط لكي تسارع بانقاذ البنوك المتعثرة في وول ستريت. وفي المؤشرات الايجابية بالنسبة للولايات المتحدة، ذكرت بعض الصناديق السيادية الصغيرة انها تتطلع لابرام صفقات في قطاعات العقارات والمالية والتأمين. وذكر طلال الزين الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات التي تعتبر الصندوق السيادي للبحرين (10 مليارات دولار) انه يرى ان هناك فرصا جيدة بالنسبة للمستثمرين الذين لديهم سيولة نقدية.

واضافت الصحيفة ان الاقتصاد الامريكي تمكن من تحقيق النمو في السنوات الاخيرة على الرغم من ان الامريكيين لم يتمكنوا من ادخار مبالغ ضخمة بالاضافة الى ان الحكومة حققت عجزا ضخما، ويرجع ذلك الى ان الاجانب استمروا في منح القروض، وقد حدث نفس الشيء في الثمانينيات، وفي الوقت الحاضر تحتاج الولايات المتحدة الى رؤوس الأموال الاجنبية لكي تتمكن من الاستمرار في منح القروض.

وذكر سي فريدبرجستين مدير معهد بيترسون للاقتصاد الدولي سوف يتعين شرح خطة الانقاذ لمانحي القروض الاجانب الذين قد يبحثون القيام باستثمارات في عملة اليورو بدلا من الدولار.

فقدان الاستقلالية

وذكرت الصحيفة ان الاعتماد محليا على رؤوس الاموال الاجنبية يعني فقدان استقلالية الامريكيين وقدرتهم على ادارة شؤونهم الامر الذي اعتادوا عليه.

قلق في الصناديق السيادية

واضافت ان الجدل الذي يدور حول الاستثمارات التي تقوم بها الصناديق السيادية قد غير اتجاهه.

وفي السنة الماضية اعرب اعضاء الكونجرس عن قلقهم من ان الصناديق السيادية سوف تحقق نفوذا سياسيا عن طريق الاستثمار في الشركات الامريكية. غير ان الامر اختلف الآن حيث يشعر اعضاء الكونجرس الآن بالقلق من ان الصناديق السيادية لا تعتزم شراء اسهم جديدة.

كما ان الجهود لفرض قيود ضد التجارة الاجنبية قد يفقد القوة الدافعة لها، وفي الواقع فإن الولايات المتحدة بحاجة لاموال العالم اكثر من حاجتها لاثارة غضب مانحي القروض المرتقبين وختمت الصحيفة بقولها ان انهيار المؤسسات المالية اذل الاقتصاد الامريكي.

0 تعليقات