متابعة‮:‬ عبدالرحيم أبوشامة أكد الدكتور إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي ومستشار معهد التخطيط القومي أن الأزمة المالية العالمية أسقطت الحرية الاقتصادية الجديدة واستدعت ضرورة تدخل الدولة في الأمور المهمة وعدم ترك الأسواق بما أسماه بهوجة عدم الضبط في العولمة‮.‬ وأكد خلال اجتماع الخبراء بمعهد التخطيط القومي حول آثار الأزمة العالمية علي الاقتصاد المصري أن الشيء المؤكد الذي أفرزته الأزمة ان النظام الرأسمالي تلقي ضربة قاصمة وتعرض لأزمة قلبية أصابت قلب الجسد الاقتصادي وهو القطاع المالي‮.‬ وأكد ان الاقتصاد المصري سوف يتأثر بالأزمة في عدد من القطاعات أهمها تراجع الصادرات لأن الأزمة المالية مصحوبة بانكماش وقد يتحول إلي كساد،‮ ‬كما سوف يتأثر قطاع السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر وسوف تتراجع المعونات الأجنبية،‮ ‬كما سوف تتراجع فرص الاقتراض من الخارج إضافة إلي انخفاض التحويلات من أوروبا وأمريكا والخليج وقد تتأثر أوضاع العمالة في الخارج‮.‬ وأشار الي تأثر إيرادات البترول والتي سوف تنخفض نتيجة الأزمة فضلاً‮ ‬عن خسائر الأفراد في البورصة والمؤسسات المالية وخسائر المصريين المودعة في أوراق مالية بالخارج وانخفاض سعر الصرف‮.‬ وأكد أن هناك آثاراً‮ ‬إيجابية للاقتصاد المصري نتيجة للأزمة ومنها أنه سوف يحدث انخفاض في فاتورة الواردات البترولية وسلع أخري وسوف يترتب عليها انخفاض مخصصات الدعم وانخفاض معدلات التضخم وانخفاض سعر الصرف وهو ما سوف يحد من الانخفاض في الصادرات،‮ ‬كما أن معدل النمو الاقتصادي سوف ينخفض الي‮ ‬6٪‮ ‬و5‭.‬5٪‮ ‬في أسوأ الحالات بعد أن كان‮ ‬7‭.‬2٪‮ ‬وطالب بالتفكير في الأجل القصير في فلسفة التنمية‮.‬ وقال ان هناك إجراءات عاجلة لمواجهة الآثار السلبية للأزمة ولكن من المتوقع ألا تتبناها الحكومة وهي ضرورة التخلي عن التشدد في فرض قيود علي حركة السوق وأن يكون هناك عدالة قي توزيع الأزمة وتوزيع الضرائب بما يتناسب مع الدخل‮. ‬وانتقد‮ »‬العيسوي‮« ‬أسلوب رجال الأعمال في مصر في مطالبتهم الحكومة بمزايا وتخفيضات للتخفيف من الأزمة،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي أن هذا الأسلوب ليس من النظام الرأسمالي الحقيقي وبهذا تفاوض الرأسمالية المصرية الرأسمالية في عهد حكومة رجال الأعمال وطالب بزيادة الإنفاق العام الاستثماري في الصناعة والتجارة وليس البنية الأساسية فقط‮. ‬كما طالب بضرورة خضوع كافة الصناديق الحكومية والسيادية للجهات المختلفة للرقابة المحكمة ويجب أن تقوم البنوك المصرية بسد عجز التمويل للمستورد الأجنبي لزيادة حركة التجارة‮.‬ وطالب‮ »‬العيسوي‮« ‬بضرورة وقف برنامج الخصخصة عموماً‮ ‬في الوقت الحالي لكافة البنوك وشركات التأمين وإحكام الضوابط الرقابية علي البورصة والحد من شطط المضاربات وسلوك القطيع‮. ‬وطالب بفرض ضريبة علي أرباح البورصة لأنه ربح‮ »‬طفيلي‮« ‬وأنه ليس من العدالة أن تدفع المشروعات الإنتاجية والتي تضيف للاقتصاد القومي ضرائب بنحو‮ ‬20٪‮ ‬في الوقت الذي يتم إعفاء أرباح البورصة التي يكسبها أصحابها بدون عناء،‮ ‬وأكد ضرورة وضع قيود علي العمليات السريعة في البورصة المصرية وخاصة الأموال الساخنة والخارجة من البورصة‮.‬ وشدد‮ »‬العيسوي‮« ‬علي عدم التورط في التزامات جديدة لتحرير الخدمات المالية وضرورة زيادة الإدخار وفك الارتباط بين الجنيه والدولار وإعادة النظر في قانون الضرائب علي الدخل،‮ ‬بحيث يتم تحصيل الضريبة متدرجة وفقاً‮ ‬لفئات الدخل،‮ ‬فليس من المعقول أن تُحصل‮ ‬20٪‮ ‬لمن يكون دخله‮ ‬40‮ ‬ألفاً‮ ‬متساوياً‮ ‬مع‮ ‬400‮ ‬مليون،‮ ‬كما طالب بضرورة فرض ضريبة علي ما أسماه بالأرباح القدرية قبل الأرباح الناجمة عن عمليات تسقيع الأراضي وغيرها وطالب بتصحيح الخلل في توجهات الاستثمار حتي يكون بعيداً‮ ‬عن المنتجعات الترفيهية والجولف وغيرها وإعادة الاستثمار لصالح التجارة والصناعة‮.‬ وأكد ان لدينا اقتصاداً‮ ‬متخلفاً‮ ‬وعلينا إخراجه من تخلفه،‮ ‬ومشيراً‮ ‬إلي ان الرأسمالية التي انتهجتها الحكومة علي مدي ثلث قرن لم تنجح في إخراج الاقتصاد المصري من تخلفه وأشار إلي فشل توافق واشنطن في تحقيق التنمية القابلة للاستدامة ويجب ان يكون دور الدولة التخطيط والاشتراك في الإنتاج وضبط العلاقات مع الخارج والتحرير المتدرج بصورة انتقائية ويجب الاعتماد علي العمل الجماعي والتعاون العربي والإفريقي موضحاً‮ ‬ان التاريخ الاقتصادي للرأسمالية يشير إلي حدوث العديد من الأزمات والتقلبات الدورية بين الركود والرواج والانتعاش كسمة‮ ‬غالبة عليه،‮ ‬وأوضح ان الاقتصاد الأمريكي تعرض الي‮ ‬10‮ ‬أزمات خلال السنوات الماضية بمعدل أزمة كل‮ ‬6‮ ‬سنوات كما حدثت في القطاع المالي نحو‮ ‬124‮ ‬أزمة في أقل من‮ ‬100‮ ‬سنة وأن الرأسمالية لا تصحح نفسها بنفسها وإنما تستدعي الحكومة للتدخل في علاج الأزمة‮.‬ فائدة الإقراض سلبية وأكدت الدكتورة سلوي العنتري الخبير المصرفي ومدير عام البحوث بالبنك الأهلي ان الأثر المباشر للأزمة المالية العالمية علي مصر سوف يتركز علي الاقتصاد الحقيقي وليس علي القطاع المالي،‮ ‬وأشارت الي ان القطاع المصرفي ليس في وضع أزمة وأن الأزمة في قطاع المال سوف تتركز في البورصة فقط،‮ ‬وأشارت الي ان الضوابط التي وضعها البنك المركزي خلال فترة الإصلاح المصرفي كانت لصالح المواطن المصري وأسهمت في سلامة البنوك من تداعيات الأزمة موضحة أنه لم يكن في السوق المصري توسع في الرهن العقاري ولا توجد أزمة في السيولة،‮ ‬كما أن التعاملات بين البنوك‮ »‬الانتربنك‮« ‬والتي قد توضح وجود أزمة أم لا تشير إلي أن الفائدة عليها هبطت خلال فترة الأزمة الي نحو‮ ‬11‭.‬59٪‮ ‬لتكون قريبة من الحد الأدني لسعر الكوريدور الذي وضعه البنك المركزي وهو ما يشير إلي عدم وجود أزمة في السيولة بين البنوك وكانت التعاملات اليومية تتراوح بين‮ ‬1‭.‬5‮ ‬و2‮ ‬مليار جنيه يومياً‮.‬ وانتقدت‮ »‬العنتري‮« ‬مطالب رجال الأعمال بخفض سعر الفائدة علي الإقراض في الوقت الحالي مشيرة إلي ان الفائدة علي القروض حالياً‮ ‬والتي تصل الي‮ ‬12‭.‬5٪‮ ‬هي فائدة سلبية مقارنة بمعدل التضخم الذي يفوق‮ ‬22٪‮ ‬وبالتالي فإنه لا مبرر لخفض الفائدة‮ ‬1٪‮ ‬بعد خفض معدلات التضخم‮.‬ دور الدولة وأكد الدكتور خضر أبوقورة المستشار بمعهد التخطيط القومي ان الأزمة الحالية استدعت الدولة لعلاج المرض وطلبت الولايات المتحدة الأمريكية تحرك أوروبا وروسيا والصين لحفظ ماء الوجه وإنقاذ ودائع المواطنين،‮ ‬وأشار إلي أن الكارثة تولد عنها سلسلة من الأزمات مؤكداً‮ ‬ان النظام الحالي للرأسمالية أشبه بغابة مليئة باللصوص والمضاربين والمحتكرين واننا نعيش مرحلة‮ ‬غريبة من التاريخ وأن الأزمة فرضت تساؤلات من بينها هل الكارثة تؤذن ببداية عصر ونظام اقتصادي جديد؟ وهل نحن بصدد اقتراب نهاية الدولة العظمي والقطب الواحد الي نظام متعدد الأقطاب؟‮!‬ وأكد ان صندوق النقد والبنك الدوليين مسئولان عما حدث في جزء كبير حيث انهما لم يتمكنا علي مدار‮ ‬10‮ ‬أيام من وقف الأزمة أو علاجها‮.‬ وأكد منير سعد الأستاذ بمركز بحوث الصحراء ان مؤشرات حدوث الأزمة كانت واضحة منذ سنوات ومن قبل حدوث‮ ‬11‮ ‬سبتمبر وضرب العراق وقال انه كان يجب علي المؤسسات الحكومية دراسة التعاملات الدولية والتنبؤ بما سيكون عليه الوضع لحماية الاقتصاد المصري من آثار الصدمات الخارجية وقال أن في مصر رجال أعمال ولا يوجد بها رجال مال مثل طلعت حرب وطالب بوضع نموذج قومي لمصر يستطيع التنبؤ بالأزمات‮.‬ المضاربات وأكد الدكتور محمود عبدالحي المستشار بمعهد التخطيط القومي ان مصر لديها بورصة ناشئة وعليها أن تركز علي الإصدار الأول ولا يجب التركيز علي المضاربات ولابد لها ان تخدم التوسع في الاقتصاد الحقيقي وليس المضاربات الضارة الموجودة وتساءل من الذي ربح ومن الذي خسر من الأزمة المالية الحالية،‮ ‬وقال ان الاقتصاد المصري فيه نوع التراجع في بعض القطاعات وطالب بتنمية الاقتصاد الحقيقي وتنمية القوة الإنتاجية للدولة في الزراعة والصناعة بما يمكن من الدخول في تعاملات مع العالم الخارجي وأشار الي ان نسبة القروض الي الودائع تقل عن‮ ‬100٪‮ ‬وهذا يعني أن سوق الانتربنك يأخذ حجماً‮ ‬أكبر مما يجب في مصر وحذر من المشققات المالية ومخاطرها علي المستهلك المصري‮.‬ وأكد الدكتور مصطفي أحمد مصطفي المستشار بمعهد التخطيط القومي ومنسق سيمنار الثلاثاء بالمعهد ان النظام العالمي يستلزم الإدوراك الحقيقي الحالي للأزمة والإطار الاجتماعي والمؤسسي والمعلوماتي وموقع مصر في هذا،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي انه سوف‮ ‬يدور حوار مجتمعي في‮ »‬سيمنار‮« ‬المعهد خلال الفترة القادمة وسيتم مناقشة كافة المستويات الدولية والإقليمية والتحالفات القوية والناشئة ومستوي التداخل والكتل الاقتصادية الجديدة وبحث المستوي المحلي والقطاعي وعلاقة الاعتماد علي الذات أو الأموال العربية والإفريقية‮.‬ خطر المشتقات المالية وأكد عبدالفتاح الجبالي رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الأهرام الاستراتيجي‮. ‬أن النظام الرأسمالي مر بالعديد من الأزمات وان المشكلة بدأت منذ منتصف التسعينيات وأن جوهر الخلل يأتي من قيام العلاقة بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد المالي،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي ان حجم الاقتصاد الحقيقي لا يتجاوز‮ ‬55‮ ‬تريليون دولار بينما يتجاوز حجم المشتقات المالية‮ ‬600‮ ‬تريليون دولار وأن هذه المشتقات خارج سلطات البنوك المركزية والمؤسسات الدولية وهو ما يجعل هناك عدم وجود نظام‮.‬ وأكد ان الدروس المستفادة من الأزمة هو ضرورة إعادة بناء النظام المالي والنقدي وقدرة العالم الثالث علي أن‮ ‬يدخل في هذا‮.‬ وتوقع ان تحويلات المصريين بالخارج سوف ترتفع ولن تتأثر بالأزمة نتيجة للذعر الحادث حاليا من البنوك الأجنبية‮. ‬كما توقع ان يكون الاستثمار الأجنبي المباشر الملاذ الأخير له في مصر،‮ ‬وقال ان الصادرات الوطنية سوف تتأثر بالأزمة وأن زيادة الأنفاق العام مطروح حالياً‮ ‬من الحكومة‮. ‬وطالب بحظر استخدام المشتقات المالية ودخولها للأسواق المصرية لمنع العديد من الأزمات للمواطنين والاقنصاد القومي‮.‬ وأكدت الدكتورة سهير أبوالعينين المستشار بمعهد التخطيط القومي ان الكساد الذي حدث في الأزمة المالية في أواخر عشرينات القرن الماضي يدعونا للحذر من حدوثه في الأزمة الحالية ووضعت تساؤلات عديدة حول ملامح الأزمة وتوقعات استمرارها وعلاجها وانعكاساتها علي الاقتصاد المصري والأبعاد الاجتماعية والخاسرون في الأزمة وطرحت ضرورة إحياء فكرة التعاون العربي للحد من الآثار الناجمة عن الأزمة‮.‬

0 تعليقات