الشرق الأوسط  
الاربعاء 24 سبتمبر 2008

أسئلة وأجوبة حول تأثيرات الأزمة الاقتصادية

شهدت الأزمة المالية، التي بدأت قبل أكثر من سنة، تطورات خطيرة ومتلاحقة الاسبوع الماضي، اثارت بوادر موجة ذعر في الاسواق. وتعاقبت الأحداث مع افلاس مصرف «ليمان براذرز» واندماج «ميريل لينش» و«بنك اوف اميركا» وتحول آخر واكبر مصرفي استثمار مستقلين في وول ستريت «مورغان ستانلي» و«غولدمان ساكس» الى مجموعتين مصرفيتين قابضتين، واخيرا تدخل الدولة الاميركية بشكل استثنائي وغير مسبوق، لإنقاذ مجموعة التأمين العملاقة «ايه.اي.جي» وظهور بوادر موجة ذعر في الاسواق.

وفي مواجهة مخاطر انهيار النظام المالي، طرح الرئيس الاميركي جورج بوش، خطة انقاذ تقوم على انشاء صندوق خاص من 700 مليار دولار لمساعدة المصارف على التخلص من ديونها الهالكة، واحيلت الى الكونغرس للمصادقة عليها. وفي خضم كل هذه التطورات تظهر العديد من التساؤلات حول مستقبل النظام المالي وانعكاسات هذه الازمة على الاقتصاد العالمي، تطرح وكالة الصحافة الفرنسية بعضها في محاولة لاستيعاب ما يجري.

بعد مصرف ليمان براذرز، هل يمكن لمصارف اخرى اعلان افلاسها؟

ـ طاولت الازمة الاخيرة فئة محددة من المؤسسات المالية، وهي المصارف الاستثمارية في وول ستريت. وهي معرضة اكثر من سواها للمشاكل، لأن قسما كبيرا من نشاطاتها على علاقة بالأسواق المالية، ولم تكن تستند الى مصارف ودائع كبرى. وتعتمد مصارف الاستثمارات هذه حصرا، على المصارف الاخرى لإعادة تمويلها. وفي حال وقوع ازمة ترفض المصارف خلالها اقراض بعضها البعض، تكون هذه المصارف معرضة بصورة اكبر للأزمة التي يطلق عليها تعبير «أزمة السيولة».

ولا شك ان مصارف الودائع ايضا ليست بمأمن من الافلاس نتيجة موجة ذعر بين الزبائن، لكنه من الشائع عموما عدم سماح الدولة لمثل هذا الامر بالحدوث. والامثلة على ذلك كثيرة، فقد عمدت الحكومة البريطانية الى تأميم مصرف «نورذرن روك» في شهر سبتمبر (ايلول) من العام الماضي، كما دعمت الحكومة الالمانية مصرف «اي.كا.بي» لتجنيبه الافلاس. وفي 1995 وضعت الدولة الفرنسية اصول مصرف «كريديه ليونيه» المشكوك في تحصيلها ضمن بنية خاصة لإنقاذ المصرف من الانهيار. وفي واشنطن عمدت الادارة الى اطلاق خطة انقاذ ضخمة بقيمة 700 مليار دولار تسمح لوزارة الخزانة بأن تشتري من المصارف اصولا عقارية عاجزة عن بيعها لإعادة تنشيط عجلة القروض.

وصلت مجموعة ايه.اي.جي الاكبر في العالم للتأمين الى شفير الافلاس. هل تهدد المخاطر شركات تأمين اخرى ايضا؟

ـ نوعت مجموعة ايه.اي.جي نشاطاتها الى جانب نشاطات التأمين التقليدية لا سيما في الاسواق المالية. فكانت تعرض على المصارف تأمينها من مخاطر الاعتمادات غير المحصلة. وازاء حجم التزاماتها وتدهور البيئة المالية، خفضت وكالات التقييم علامات الشركة بشكل مفاجئ ما ارغمها على البحث بشكل سريع عن اموال تسمح لها باستعادة ملاءتها، غير ان ذلك لم يكن ممكنا بدون مساعدة الدولة الاميركية. ولم تواجه اي شركة تأمين كبرى اخرى حتى الآن مخاطر من هذا النوع.

لماذا انقذ مصرف الاحتياطي الفيدرالي الاميركي (المصرف المركزي) «ايه.اي.جي» فيما ترك مصرف ليمان براذرز يشهر افلاسه؟

ـ اوضح اندريه ليفي لانغ الرئيس السابق لمصرف باريبا لوكالة الصحافة الفرنسية ان «الاحتياطي الفيدرالي» اعتبر ان افلاس «ليمان براذرز» لن يكون على قدر كبير من الخطورة لعدم وجود مودعين بين زبائنه». واعتبرت واشنطن بالتالي ان مخاطر انتشار عدوى الافلاس الى النظام المالي بمجمله ضئيلة. وفي المقابل، رأت السلطات الاميركية ان افلاس «ايه.اي.جي» يهدد بإثارة ما يعرف بـ«مخاطر معممة». وتبقى هذه النقطة موضع جدل. فقد اعتبر دوني كيسلر رئيس مجلس ادارة شركة سكور الفرنسية لإعادة التأمين، انه لم يكن يجدر بالدولة الاميركية ان تنقذ «ايه.اي.جي» ورأى في ذلك تدخلا في قواعد المنافسة. واضاف ان «افلاس شركة تأمين لا يترتب عنه العواقب ذاتها مثل افلاس مصرف. فالظاهرة لا تهدد بالانتشار في قطاعي التأمين واعادة التأمين».

هل ستؤدي الأزمة المالية الى تفاقم اوضاع السوق العقارية؟

ـ شهدت السوق العقارية اساسا تراجعا قويا في دول كثيرة بسبب ارتفاع معدلات الفائدة مما يزيد من تكلفة القروض ومن تشدد المصارف في مطالبها حيال الزبائن المحتملين لشراء عقارات. وكان العديد يعتقدون ان الوفرة العقارية ستخمد ذات يوم في مطلق الاحوال.

وعمدت المصارف الى جمع اموال طائلة لتكون من جديد قادرة على منح قروض. لكن هذه الازمة الجديدة تهدد بمزيد من التدهور في ميزانياتها وقد تبدي مزيدا من التشدد في منح قروض للعائلات الراغبة في شراء مسكن. وتنطبق هذه الظواهر ايضا على قطاع عقارات الشركات الذي يشهد تباطؤا قويا.

هل من الممكن حصول انهيار في البورصات؟

ـ بدأ الاسبوع الماضي بـ«اثنين اسود» لينتهي في فورة استثنائية وارتفاع تاريخي مع ترقب خطة انقاذ القطاع المصرفي التي ارسلتها وزارة الخزانة الاميركية الى الكونغرس في وقت متأخر يوم الجمعة وبدأت مناقشتها معه الاثنين. وتبقى اسواق البورصة متقلبة ولا يتوقع احد عودة الهدوء اليها في الوقت الحاضر. كما لا تزال الاسواق عرضة لأي حدث سلبي في القطاع المصرفي فيما تطرح شكوك كثيرة حول امكانيات نجاح خطة واشنطن. وسجلت البوصات الكبرى في الولايات المتحدة واوروبا تراجعا ما بين 20 و25% منذ سنة ما يعني ان الفورة المالية هبطت كثيرا حتى الان ما يحد من مخاطر حصول انهيار. وانهيار البورصة هو من حيث تعريفه هبوط بنسبة 20% في يوم واحد أو 30% في فترة اطول.

ما هي العواقب على المدخرين؟

ـ الذين اودعوا اموالهم في اسهم او سندات تكبدوا خسارة تراجع قيمة مستنداتهم. اما الذين يحتاجون الى هذه الاموال بشكل فوري او الذين تتوافر اموالهم نقدا (وفق خطة ادخار مستحقة مثلا) فيميلون الى اعادة توظيف اموالهم في استثمارات خالية من اي مخاطر مثل دفاتر الادخار او الايداع التي تعرض المصارف عليها حاليا فوائد مغرية من اجل اجتذاب الودائع واستخدامها في اعادة تمويل نشاطاتها. في المقابل، سيتوجب على الذين لا تستحق مدخراتهم خلال الاشهر المقبلة (مثل مبالغ التأمين على الحياة مثلا او صناديق التقاعد) الذين يمكنهم الانتظار، التسلح بالصبر والانتظار حتى ترتفع الاسعار مجددا على امل ان تصح القاعدة التي تقول ان اي اموال توظف في البورصة تكون دائما مربحة على المدى البعيد.

ما عواقب ما يجري على المؤسسات؟

ـ التصلب المتوقع في شروط منح الاعتمادات سيطاول المؤسسات مباشرة لان المصارف ستتشدد اكثر في معايير الاقراض. كما ستجد الشركات صعوبة، اكثر من قبل، في اللجوء الى السوق من خلال اصدار اسهم او سندات، لاعادة تمويل نفسها.

واوضح اريك هاير الخبير الاقتصادي في «المرصد الفرنسي للوضع الاقتصادي» انه «بعدما حققت استثمارات الشركات ارتفاعا بمعدل 1.3 في المائة ما بين عامي 1995 و2005، من المتوقع ان تتراجع بنسبة 9.1 في المائة عام 2009». وسيهدد هذا النقص في الأموال بعض الشركات بالتصفية. وتتوقع مجموعة «اولر ارميس» لتأمين القروض تزايد عدد الشركات التي تواجه صعوبات بنسبة 10 الى 15 في المائة عام 2008 في فرنسا.

هل تزيد هذه الازمة الجديدة من مخاطر حصول انكماش اقتصادي؟

ـ كان الانكماش متوقعا اساسا في عدد من البلدان، ويهدد العديد من البلدان الاخرى. ومن المتوقع ان يطاول الانكماش الذي يتميز بنمو اقتصادي سلبي على مدى فصلين متتالين، منطقة اليورو وربما ايضا الولايات المتحدة.

0 تعليقات