المصري اليوم  
الاثنين 19 مايو 2008

.. واقتصاد السوق ليس «سبهللة»

حذر الدكتور سلطان أبوعلي، وزير الاقتصاد الأسبق، من أن حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أخيراً لن تحقق علاجاً للمشاكل الاقتصادية، التي تسعي الحكومة لتجاوزها، خصوصاً ما يتعلق بخفض عجز الموازنة العامة للدولة وتخفيض الدين المحلي العام.

أكد أبوعلي أن توابع الإجراءات التي تم اتخاذها تزيد من الضغوط التضخمية، متوقعاً ارتفاع معدل التضخم نهاية ٢٠٠٨ إلي نحو ٢٥% بعد ارتفاعه إلي ١٦% في أبريل، بعد أن كان ١٥% في مارس الماضي.

وقال: إذا صحت توقعات استمرار الضغوط التضخمية يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات مقابلة لكبحها دون تأثيرات سلبية علي معدلات نمو الإنتاج والإنتاجية، التي نحتاجها بشدة، حتي لو كان ذلك علي حساب زيادة محتملة في المستوي العام والأسعار.

وأضاف: أعتقد أن أسباب الخلل الحالي تعود إلي النظام الاقتصادي المتبع والمعتمد أساساً علي القطاع الخاص وقوي السوق، وهذا خاطئ جداً إذ إن هناك فرقاً كبيراً بين اقتصاديات السوق والانفلات الاقتصادي، كما أن اقتصاديات السوق ليست فوضي أو «سبهللة» ولكنها مؤسسات وقواعد وضوابط. واقترح حزمة من الإجراءات الفورية قصيرة وطويلة الأجل لتجنب الضغوط التضخمية وتشمل هذه الحزمة صدور قرار من الحكومة بتجميد الأجور والأسعار لفترة تتراوح بين ٣ و٦ شهور،

والغرض من هذا القرار أمران أولهما تهدئة الأحوال الاقتصادية وقطع الطريق علي من يريد أن يركب موجة ارتفاع الأسعار بطريقة غير مبررة، ووضع برنامج شامل وخطة طريق لاستعادة الاستقرار الاقتصادي في المجتمع، وتجنب الارتفاع الجامح في الأسعار بعد فترة التجميد، ومن الخطأ الجسيم الاقتصار علي قرار التجميد دون التخطيط لخطوات تصحيحية مع تنفيذها.

وفي الأجل القصير، تنصب أساساً علي أدوات السياستين النقدية والمالية، وتشمل رفع سعر الفائدة علي الودائع عن طريق رفع سعر الخصم والإقناع الأدبي للبنوك التجارية بواسطة البنك المركزي، ولا يعد هذا خرقاً لإدارة السياسة النقدية في ظل التحرير الاقتصادي.

ورفع نسبة الاحتياطي القانوني وإصدار صكوك مالية جيدة تشجع علي مزيد من الإدخار وإقلال معدل زيادة الإصدار النقدي.

أما إجراءات السياسة المالية التي تنعكس علي الموازنة العامة لعام ٢٠٠٨/٢٠٠٩ فأهمها إقلال نسبة العجز إلي ما لا يزيد علي ٦% من الناتج المحلي الإجمالي بجميع السبل الممكنة، وإقلال النفقات من موازنات العديد من الجهات السيادية التي لا يؤدي تخفيضها إلي آثار سالبة علي الإنتاج أو الاستثمار، وزيادة رسوم الخدمات التي لاتؤدي إلي ارتفاع جديد في الأسعار مثل: رسوم تجديد رخص السيارات الملاكي (وهذا حدث فعلاً) وضرائب علي المكاسب الرأسمالية لمساحات الأراضي الكبيرة التي خصصت لكبار رجال الأعمال، وإصلاح الخلل في هيكل الأجور والرواتب بإخضاع أصحاب الرواتب الكبيرة (التي تزيد علي ٢٠ ألف جنيه في الشهر) للضريبة المتصاعدة وليس الضريبة الموحدة، والاتفاق علي استرداد تكاليف المشروعات العامة التي يستفيد منها أصحاب الدخول المرتفعة مثل الطرق السريعة، ومرافق المنتجعات الفاخرة وغيرها.

وفي الأجل الطويل دعا الدكتور سلطان أبوعلي إلي البدء من الآن في اتخاذ إجراءات بطريقة مبرمجة لتشمل إزالة معوقات الإنتاج في إطار الإصلاح الاقتصادي الهيكلي، ومنها الإصلاح الإداري وإزالة القيود البيروقراطية المعوقة، والإصلاح التشريعي وإجراءات التقاضي ومحاربة الفساد وغيرها، واستقرار مناخ الاستثمار وتشجيع الاستثمارين العربي والأجنبي، وترسيخ الإطار المؤسسي للمجتمع والبعد عن الشخصنة،

وحث رجال الأعمال علي الاهتمام بدورهم الاجتماعي الممثل أساساً في عدم المبالغة في هوامش الربح، وزيادة المعروض من الإنتاج لأجل خفض الأسعار والإسهام في محاربة الفقر والعمل علي زيادة فرص العمل، وأداء الضرائب عن الأعمال من أجل خفض عجز الموازنة، وتطبيق مبدأ المساءلة علي جميع المستويات، وأخيراً افتتاح مجال للحوار والمشاركة بحيث تكون التنمية «احتوائية» وليست «استبعادية»، واختتم بالقول: لا أمل من تكرار القول إن بمصر إمكانات مادية ومالية وبشرية لا يستهان بها، وأن المصريين يستحقون معيشة أفضل بكثير من الوضع الراهن

.

0 تعليقات