القاهرة -أ.ش.أ- قال خبراء اقتصاديون أن ارتفاع معدلات التضخم خلال السنوات العشر الماضية التهمت أكثر من 50% من الزيادة في الأجور التي بلغت حوالي 144%.

ولفت الخبراء الى أنه رغم ارتفاع معدل العلاوة الاجتماعية للعاملين بالدولة فإنه لم يحدث تحسن في القيمة الحقيقية للأجور بسبب ارتفاع معدل التضخم الذي وصل وفقا لأحدث الاحصاءات الى 5ر11% خلال يناير الماضي لاجمالي الجمهورية فيما بلغ 5ر12% على مستوى الريف فقط.

وقال خبراء المجلس القومي للأجور والمجلس القومي للتخطيط أن هناك تناقضا في الحد الأدني الذي أقره القانون 53 لسنة 84 وهو 35 جنيها وبين الواقع الذي يتقضاه العامل والذي يصل الى حوالي 195 جنيها مؤكدين على ضرورة تعديل الحد الأدني للمشغلين بالقطاعين العام والحكومي والخاص لمراعاة معدل التضخم السنوي.

وأشار الخبراء الى أن هناك مشكلة حقيقية يجب مراعاتها وهي أن اجمالي المشتغلين يبلغ حوالي 20 مليون شخص منهم حوالي 40% (8 ملايين شخص) عمالة غير منتظمة يعملون بغير أجر تعاقدي في الزراعة وبعض الحرف الأخرى وهذه الفئة هي الأكثر معاناة مطالبين بضرورة مراعاة هذه الفئة عند تحديد مستويات الأجور المقترحة.

من جانبه يؤكد الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية رئيس المجلس القومي للأجور على أن الرئيس مبارك والحكومة حريصان على تحقيق العدالة الاجتماعية ومضاعفة الأجور لذوي الفئات الدنيا حتى الدرجة الثالثة واتخاذ خطوات متسارعة لتحقيق هذا الهدف.

وقال عثمان انه خلال العامين الماضيين زاد الحد الأدني للأجور بحوالي 72% ومن المتوقع مع علاوة يوليو أن تصل الزيادة الى 100% أي قبل عام 2011 كما ورد في برنامج السيد الرئيس وأضاف عثمان أن المجلس القومي للأجور يسعى الى تحقيق هذا الهدف ويطالب في نفس الوقت القطاع الخاص بمراعاة هذا التوجه باعتبار أن استقرار العلاقة بين المشتغلين وأصحاب الأعمال تنعكس في زيادة الانتاج ومعدل الانتاجية وتحقيق المنفعة لأصحاب الأعمال.

وشدد وزير التنمية الاقتصادية على تفعيل دور المجلس القومي للأجور خلال المرحلة القادمة من خلال تعديل لائحته بحيث يكون له الصلاحية لتحديد مستويات الأجور كل عام وفقا لمعدلات التضخم وليس كل ثلاث سنوات كما هو الوضع الحالي.

وقال عثمان انه يتفق مع الخبراء بشأن تعديل المادة 34 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 بحيث يتضمن دورا أكثر للمجلس بشأن الحد الأدنى للأجور لتكون قراراته ملزمة لكافة أطراف التعاقد سواء القطاع الحكومي أو العام أو الخاص وألا تقل العقود المبرمة عن هذا الحد الأدنى مع الغاء النص على تحديد الحد الأدنى للعلاوة السنوية ب 7% من الأجر الأساسي.

ويؤكد الخبراء الاقتصاديون بالمجلس القومي للأجور أن تحديد الحد الأدنى للأجور يمثل جزأ لايتجزأ من متطلبات تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق خلق شبكة للأمان الاجتماعي وتمكين الفقراء من الاستفادة من ثمار النمو الاقتصادي المرتفع الذي وصل الى 1ر7% خلال العام المالي الماضي.

ويرى الخبراء أنه رغم الزيادة الملحوظة في الأجور الرسمية (بالأسعار الجارية) خلال الفترة الماضية إلا أن الزيادة الحقيقية - بعد استبعاد أثر الزيادة في تكلفة المعيشة- ظلت محدودة علاوة على أن الزيادة الأسمية في الأجور صاحبها انخفاض في نسبة الأجور في الناتج الملحي الاجمالي من حوالي 48% في العام 95 - 96 الى 46% في عام 2005- 2006 بانخفاض نسبته 2% ومن المتوقع أن يصل حجم الناتج المحلي الاجمالي الى 920 مليار جنيه خلال عام 2008- 2009.

ويقول الخبراء انه يجب عند الاتفاق على تحديد الأدنى للأجور الاسترشاد بمستوى انفاق كل فئة حسب بيانات بحوث ميزانية الأسرة نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة وكذلك في ضوء تقديرات خط الفقر في مصر الذي يصل وفقا لدراسات البنك الدولي مع وزارة التنمية الاقتصادية الى 1854 جنيه للفرد سنويا أي مايساوي حوالي 155 جنيه للفرد شهريا.

وعن كيفية كبح جماح التضخم التي تلتهم الآثار المتزايدة للنمو والتي تؤثر سلبا على دخول المواطنين تؤكد الدكتورة هناء خير الدين مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن معدل التضخم الجاري من المحددات المؤكدة والمعنوية لمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في مصر وأن هناك علاقة سببية مؤكدة بين التضخم كمسبب لمعدل نمو الناتج عند الأخذ في الاعتبار المحددات الاقتصادية الأخرى للنمو حيث انه خلال فترة 81/ 82 الى 2005/ 2006.كان تأثير معد التضخم على النمو سالبا.

وقالت انه من خلال الدراسات اتضح أن زيادة التضخم ب 1% تقترن بانخفاض معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي من 2ر0% الى 3ر0% وأشارت الى أنه من المفيد للبنك المركزي أن ينظر في استهداف مدى معدل التضخم بين 5 الى 9% وذلك حتى يمكن أن يسهم في تحقيق أهداف اضافية أخرى اقتصادية واجتماعية الى جانب استقرار الأسعار.

ومن المعروف أن خطة التنمية الاقتصادية 2007/ 2008 - 2011/ 2011 تستهدف الوصول بمعدل التضخم السنوي الى 5% بنهاية الخطة الخمسية السادسة.

وعن تأثير السياسة المالية على الأسعار تقول الدكتورة أمنية حلمي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن التأثير متبادل وطردي بين عجز الموازنة ومعدل التضخم كما أن تأثير عجز الموازنة على الأسعار يتوقف على أسلوب تمويل هذا العجز وبالتالي مدى الاحساس لدى الفرد بالقيم الحقيقية للأجور في ضوء الأسعار الجارية.

وربطت الدكتورة أمنية بين ارتفاع معدل التضخم وزيادة عجز الموازنة حيث ارتفع معدل التضخم من 4% في مارس عام 2006 الى 8ر12% في مارس 2007، في نفس الوقت زاد عجز الموازنة العامة للدولة حيث بلغ 6ر9% من الناتج المحلي الاجمالي في المتوسط خلال الفترة 2001/ 2002 - 2005/ 2006 على الرغم من استهداف الحكومة حاليا خفض العجز في الموازنة السنوية ليصل الى حوالي 3% بنهاية الخطة الخمسية.

وتؤكد أنه للحفاظ على القيمة الحقيقية لدخول المواطنين لابد من انتهاج سياسة اقتصادية ونقدية تسمح بخفض معدل التضخم الذي هو رهن لتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة والحد من التوسع في منح الائتمان المصرفي للحكومة.

كما ترى الدكتورة أمنية حلمي أن استقرار الأسعار رهن ايضا بنجاح التنسيق بين السياسات النقدية والمالية كما أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي الحقيقي والمحافظة على قيمة الجنيه شرط مهم للحد من الزيادة في الأسعار وبالتالي يشعر المواطن بالقيمة الحقيقية لما يحصل عليه من دخول نقدية أو علاوات دورية.وكان المجلس القومى للأجور قد أوصى فى اجتماعه مساء الاثنين برفع الحد الأدنى بما يتقضاه المشتغل من 35 جنيها إلى ما لايقل عن 300 جنيه شهريا وصدور التشريعات اللازمة لتنفيذ هذه المستويات ، مشيرا إلى أن الدراسات إقترحت تعديل القانون 53 لسنة 1984 بشأن الحد الأدنى للاجور فى الحكومة وقطاع الأعمال العام وذلك وفقا للتقارير التى إستعرضها المجلس يوم الثلاثاء .

و إقترح رفع الحد الأدنى لما يتقاضاه العامل شهريا مع التمييز بين ثلاثة مستويات أساسية وهى 250 جنيها للمشتغل بدون مؤهل و275 جنيها للمؤهل المتوسيط و300 جنيه للمؤهل العالى.

وقد تم احالة  هذه المقترحات الى لجنة الأجور والأسعار بالمجلس القومى للأجور لدراستها ووضع الموازنات المالية والاجراءات التشريعية اللازمة على أن يتم عرضها على إجتماع المجلس خلال شهر من تاريخه مع الاخذ فى الاعتبار مقترحات ممثلى قطاع الاعمال وممثلى العمال عند وضع تصورات الحد الأدنى للاجور .

كما أكدت المقترحات على تطبيق الحد الأدنى للاجور على كافة المشتغلين سواء فى القطاع الحكومى أو الخاص وأن يكون ذلك هو الأجر التأمينى الذى يحتسب على أساسه المعاشات وأن يراعى ذلك فى القانون الجديد للتأمينات والمعاشات  .

كما سيكون أيضا هو الأساس فى حالة الأعمال المؤقتة أو الموسمية ، مشيرا إلى أنه يمكن زيادة ما يتقاضاه المشتغل عن هذا الحد الادنى وفقا لطبيعة النشاطات الاقتصادية أو المحافظات .

وقال وزير التنمية الاقتصادية الذى رأس اجتماع لمجلس القومى للأجورأنه سيتم رفع توصيات المجلس القومى للأجور بعد إقرارها إلى مجلس الوزراء لإتخاذ اللازم نحو صدور التشريعات المنفذة لهذه التوصيات.

نقلا عن موقع عرب فينانس

0 تعليقات