الاتحاد الإماراتية 

السبت 25 يوليو 2009

مع ازدياد الطلب العالمي على الطاقة

كانت إليكسي ميللر نائبة الرئيس التنفيذي لشركة جاز بروم قد تنبأت في أوائل يونيو من العام الماضي بأن أسعار النفط سوف تستمر في الارتفاع حتى تصل إلى 250 دولاراً للبرميل، ثم بعد شهر واحد فقط بلغت الأسعار ذروتها في مستوى 147 دولاراً للبرميل. ولكنها سرعان ما تراجعت إلى ما دون 40 دولاراً في بداية الأمر. لذا فإن السؤال يتمحور الآن في عما إذا كانت فترة الاثني عشر شهراً الماضية أصبحت تشكل منصة لانطلاقة جديدة للأسعار بدعم من ممارسات المضاربين؟.

وفي الحقيقة فإن التباطؤ الذي يساور الاقتصاد العالمي أدى إلى خفض مريع في الطلب على الطاقة إلى المدى الذي أصبحت فيه السفن الناقلة تستخدم لتخزين النفط في عرض البحر على أمل أن ترتفع الأسعار في المستقبل. وفي أبريل ارتفع هذا المخزون إلى ذروته في مستوى 100 مليون برميل على ظهر السفن الناقلة.

مخزونات النفط

وعلى كل فإنه ومنذ أن بدأت أسعار النفط تستعيد عافيتها مرة أخرى فقد تم جلب هذه الكميات المخزنة من النفط تدريجياً إلى الأسواق. وقبل عام بالضبط من الآن كانت أسعار النفط قد قفزت إلى مستوى 147 دولاراً للبرميل في يوليو 2008 بسبب ارتفاع الطلب من الاقتصادات الناشئة مثل الهند والصين في آسيا بالتزامن مع المخاوف التي ساورت الأسواق بشأن السعة الإنتاجية للنفط في المستقبل. وشهدت الساحة أيضاً تراجعاً تاريخياً في الاستثمارات الخاصة باكتشاف المزيد من الموارد النفطية مما أدى إلى مخاوف حقيقية بشأن النقص في الإمدادات ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد تزامنت الأحداث أيضاً مع ضعف قيمة الدولار التي جاءت لتفاقم من هذه المشكلات. ولما كانت معظم السلع في الأسواق يتم تسعيرها بالدولارات أصبحت هذه السلع تعتبر أدوات تحوط ضد الخسائر في العملة الأميركية المتراجعة. وهو الأمر الذي بات يعني أن معظم المكاسب أصبحت في متناول المضاربين كما ظل المحللون يعتقدون. ولكن أرقام الصناعة استمرت تشير إلى أن عمليات المضاربة ليست السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار كما أن كبار التنفيذيين في شركات النفط ظلوا يعتقدون وبشكل جازم أن مصير أسعار النفط سوف يتجه بدون شك إلى الصعود والارتفاع على المدى الطويل، حيث ذكر طوني هايوارد الرئيس التنفيذي لشركة بريتش بتروليوم بعيد الإفراج عن تقرير المراجعة الإحصائية السنوية للشركة في الشهر الماضي أنه يعتقد أن ارتفاع الأسعار ليست له علاقة على الإطلاق بعمليات المضاربة إنما الأمر يختص عوضاً عن ذلك بالنقص المريع في الاستثمارات بسبب انخفاض أسعار النفط.

ارتفاع التضخم

وفي ظل وجود أزمة الائتمان التي أجبرت الشركات على خفض ميزانياتها الاستثمارية، هل يعني ذلك أننا أصبحنا الآن نرسي الأساسات والقواعد لانطلاقة ارتفاع تضخمي جديد في أسعار النفط بحيث تؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي بمجرد أن يبدأ في الانتعاش؟ ولعل جيروين فان دير فير المدير التنفيذي السابق لشركة شل يتفق مع هذا الرأي حيث حذر في الشهر الماضي من أن القفزة المقبلة في أسعار النفط أصبحت الآن في مرحلة الاستعداد للانطلاق. ومضى يقول إن الانخفاض الحاد الحالي في الأسعار «مجرد انعطاف في الخط البياني للأسعار الذي يتجه بشكل عام وفي جميع الأوقات إلى الصعود».

وهو يعتقد أيضاً بأن النقص الحالي في الاستثمارات بات يعني أن الإمدادات المستقبلية أصبحت تتهددها المخاطر في ذات الوقت الذي يزداد فيه الطلب بوتيرة متسارعة. علماً بأن وكالة الطاقة الدولية قدرت أن الصناعة سوف تعاني من نقص بنسبة 20 في المئة عاماً بعد عام في استثمارات مشاريع النفط والغاز في هذا العام.

أضف إلى ذلك أن الاقتصاد العالمي ما زال يواجه العديد من الصعاب بحيث إن الحديث بشأن «المبادرات الخضراء» ما زال أبعد من مرحلة النضوج. ولكن ما قاله فإن دير فير ربما كان صحيحاً فيما يتعلق بجانب الطلب في المعادلة. وذلك لأن التعداد السكاني العالمي مستمر في النمو بحيث يؤدي إلى ارتفاع الطلب وبشكل ملحوظ على الطاقة.

وعلى كل فإن النمو الاقتصادي سوف يستغرق بعض الوقت حتى يعود إلى الانتعاش. وفي الأسبوع الماضي عمدت مؤسسة ميريل لينش إلى رفع سقف توقعاتها لأسعار النفط لعامي 2009 و2010 بينما توقع أحد السماسرة أن يصل متوسط سعر الخام الأميركي إلى 58.50 دولار في عام 2009 وإلى 75 دولاراً للبرميل في 2010.

وتعتقد المؤسسة أن أسعار النفط ربما تصل إلى مستوى 82 دولاراً بحلول الربع الرابع من 2010 بسبب محدودية النمو في إمدادات الدول من خارج منظمة أوبك بالإضافة إلى الانخفاض في السعة الاحتياطية لمنظمة الأوبك وضعف قيمة الدولار. بل إن هناك عددا من المراقبين يعتقد أن الانتعاش الحالي في أسعار النفط من مستوى أقل من 40 دولاراً للبرميل إنما يعتبر أحد بوادر التضخم الأولى باتجاه فقاعة جديدة لم تكتمل بعد.

وعلى كل فإن بقاء أسعار النفط في هذا المستوى الحالي أو في مستوى أعلى من ذلك بقليل سوف يحفز الاستثمارات للعودة وإيجاد مصادر جديدة للطاقة في جميع أنحاء العالم. وإلى ذلك فإن فان دير فير يعتقد أيضاً أن الزيادة في الطلب العالمي على الطاقة سوف تستمر بدون توقف. ففي الوقت الذي سوف يزداد فيه التعداد السكاني العالمي من 6 مليارات إلى 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050 فإن الطلب على الطاقة سوف يتضاعف حتى مع الوضع في الحسبان الكميات التي سوف يتم توفيرها وتخزينها.

لذا يمكن الاستنتاج أن بقاء أسعار النفط في مستوياتها الحالية أو أعلى من ذلك سوف يضمن استثمارات كافية تؤدي إلى المزيد من الإمدادات المستقبلية. ولكن جانب الطلب الحالي في المعادلة لا يدعم الأسعار لكي تبقى على مستواها الحالي. لذلك فإن اتجاه الأسعار يميل بالتأكيد إلى الصعود والارتفاع بدعم من التوقعات التي تشير إلى نمو الطلب المستقبلي. ولما كانت الوفرة الحالية في النفط سوف تعني أن من غير المرجح أن تتجه الأسعار إلى الصعود في المستقبل القريب إلا أن استمرار النقص في الاستثمارات سوف يجعل ارتفاع أسعار النفط أمراً لا يمكن تجنبه.

0 تعليقات