تقرير‏:‏ عبد الناصر منصور

حاول تقرير للمجموعة المالية هيرمس تحليل الآثار الاقتصادية علي البورصة وسوق المال بعد القرارات الأخيرة الخاصة بزيادة اسعار الطاقة والغاء الاعفاءات الضريبية وقد أسفر البحث عن هذه الآثار عن عدة نتائج منها أن الشركات التي تعتمد علي استخدام الطاقة كانت الأكثر تضررا من سلسلة القرارات الحكومية‏,‏ الأمر الذي ولد شعورا لدي المستثمرين بأن القرارات تمثل خطوة من جانب الحكومة للتراجع عن الإصلاحات الاقتصادية وستؤثر سلبا علي الاستثمارات الأجنبية حسبما ذكرت‏.‏

واعترف التقرير بأن بعض هذه القرارات من شأنه زيادة معدلات التضخم إلي‏18.1%‏ خلال عام‏2008,‏ ولكن هذا لا ينفي استمرار الحكومة في خطواتها نحو الإصلاح الاقتصادي رغم الفترة الصعبة التي تمر بها‏.‏

وحمل التقرير سلسلة من التوقعات بشأن مستقبل الاقتصاد المصري بعد القرارات الحكومية في ظل زيادة معدلات التضخم‏.‏حيث أشار إلي أن السياسة النقدية بالبنك المركزي التي رفعت أسعار الفائدة علي الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلي‏11%‏ ستجعل علاقة الجنيه بالدولار أكثر صحة‏.‏

وبالتالي تحد من صعود معدلات التضخم‏,‏ فيما توقع التقرير تراجع معدلات النمو إلي‏6.7%‏ في عام‏2007‏ ـ‏2008,‏ و‏6.4%‏ لعام‏2008‏ ـ‏2009,‏ بسبب تأثير التضخم السلبي علي النمو‏.‏

وأشارإلي أن إصدار القرارات الأخيرة بشكل مفاجئ كان له تأثير سلبي علي السوق و الاستثمار فيما تخوف مراقبون من أن يؤدي إلغاء الإعفاءات الضريبية إلي تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة لكن التقرير عاد ليؤكد أن إلغاء الإعفاءات لن يؤثر سلبا لأن الحكومة لم تعد تستخدم هذا النوع من الحوافز في جذب المستثمرين‏.‏

وتوقع التقرير مزيدا من خفض الدعم الحكومي للوقود لجميع المستهلكين والمصانع خلال السنوات المقبلة‏,‏ فيما سيغطي التوسع في إنتاج مصر من البترول من‏665‏ ألف برميل يوميا في‏2007‏ إلي‏740‏ ألف برميل وفي‏2009‏ قدرا من الزيادة في الاستهلاك وهو ما من شأنه أن يقلل من التأثيرات السلبية لأسعار الوقود المرتفعة‏.‏

وذكر التقرير أن الحكومة المصرية تتفاوض من أجل إبرام عقود شراكة مع شركات بترول عالمية حيث سيكون بمقدور هذه الشركات بيع إنتاجها من الغاز إلي أصحاب المصانع بأسعار السوق‏.‏

وتوقع أن تحاول الحكومة الربط بين أسعار المواد الخام بالأسعار العالمية لـاليوريا في التعاقدات مع مصانع الأسمدة خصوصا العاملة في المناطق الحرة‏.‏

ولا نتوقع زيادات جديدة في الضرائب علي الشركات أو الدخل خلال السنوات القليلة المقبلة فيما تخطط الحكومة لإقرار ضريبتين جديدتين علي العقارات والقيمة المضافة في العام المالي‏2008‏ ـ‏2009.‏

من جهة أخري توقع الخبراء تباين التأثيرات المترتبة علي استمرار ارتفاع معدلات التضخم فيما يتعلق بخريطة المدخرات و الودائع بالبنوك و استثمار هذه الفوائض و المدخرات داخل البورصة المصريةوأشار البعض الي إنه من المبكر الحكم علي تأثير ارتفاع التضخم علي حركة المدخرات في البورصة إلا إذا استمر علي هذا المستوي فترة أطول و في حالة حدوث ذلك فإن أصحاب المدخرات سيتجهون إلي تحويل أموالهم لأصول عينية قد تكون عقارات أو اقتناء الأجهزة المعمرة‏,‏ مستبعدا تحول خريطة الودائع لصالح الجنيه علي حساب الدولار في الوقت الراهن‏.‏

وفي المقابل قال خبراء بأسواق المال إن ارتفاع ربحية معظم صناديق الاستثمار العاملة في البورصة العام الماضي ما بين‏30‏ و‏50%‏ سيغري أصحاب المدخرات علي استثمارها بالبورصة‏,‏ إلا أنهم توقعوا اتجاه البنك المركزي لتطبيق زيادة جديدة لأسعار الفائدة الشهر المقبل بهدف تحقيق توازن في السوق‏.‏

وحذر البعض من استمرار الزيادة في معدل التضخم‏,‏ مبديا تخوفه من أن يؤدي هذا إلي لجوء الكثيرين إلي سحب مدخراتهم البنكية الودائع وتحويلها إلي أصول عينية‏,‏ منها العقارات أو شراء الأجهزة المعمرة‏.‏

وقال إن هذه الاتجاه معروف عندما يرتفع التضخم إلي معدلات كبيرة مثل الوضع الحالي وهو ما يطلق عليه التوزيع العيني‏,‏ بما يعني تحويل الأموال إلي اتجاه آخر بهدف تحقيق أرباح أو عائد أعلي من الفائدة البنكية‏.‏

واقترح البعض أن يترأس الدكتور أحمد نظيف‏,‏ رئيس الوزراء‏,‏ لجنة السياسات بالبنك المركزي لضبط السياسة المالية بما يضمن السيطرة علي التضخم إلي جانب العمل علي خفض الانفاق الحكومي‏.‏

الدكتور عصام خليفة‏,‏ رئيس شركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار‏,‏ رأي يري فيه ان البورصة ستسحب البساط من البنوك والقطاعات الأخري خاصة التي تعطي عوائد ثابتة متوقعا تحول المدخرين بالبنوك للاستثمار في البورصة بهدف تعويض ارتفاع التضخم رغم مخاطر الاستثمار في البورصة‏.‏

وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة دخولا مكثفا لرؤوس الأموال في البورصة‏,‏ خاصة مع انخفاض سعر الفائدة التي أصبح معها المودع يحقق خسارة تصل إلي‏10%‏ نتيجة الارتفاع في التضخم‏.‏

وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد دخول عدد من الصناديق الاستثمارية في السوق لجذب الهاربين من المدخرين في البنوك‏,‏ موضحا أن البورصة هي المجال الوحيد الذي بإمكانه تعويض فارق ارتفاع التضخم إلي جانب تحقيق ربح‏,‏ مدللا علي ذلك بأن أغلب صناديق الاستثمار التي تستثمر بالبورصة حققت أرباحا العام الماضي ما بين‏30%‏ و‏50%‏ و ارتفع المؤشر الرئيسي للأسهم النشطة بالبورصة بنسبة‏50%,‏ مما يدل علي قدرتها علي تحقيق أرباح و استيعاب الفارق في التضخم‏.‏

وأضاف أن ارتفاع التضخم سيمثل عامل دعم للبورصة يدفعها للصعود نتيجة لدخول مستثمرين جدد‏,‏ متوقعا أن يتجه البنك المركزي ممثلا في لجنة السياسات النقدية خلال اجتماعها المقبل إلي رفع أسعار الفائدة لكن ستظل عوائد مودعي البنوك سلبية بسبب معدلات التضخم السائدة‏.‏

وقال عصام مصطفي المحلل المالي إن ارتفاع التضخم يزيد من المخاطر بالبورصة‏,‏ لافتا إلي أن المستثمر يرغب في تعويض ارتفاع التضخم من خلال البورصة حيث يطلب عائدا بين‏40%‏ و‏45%‏ لتعويض الارتفاع في التضخم‏.‏

وأضاف أن هناك عوامل أربعة تؤثر علي البورصة وينظر لها المستثمر‏,‏ هي‏:‏ معدل النمو الاقتصادي وسعر الصرف ومعدل التضخم والعائد علي العملة‏,‏ مؤكدا أنه كلما زاد التضخم ارتفع العائد المطلوب علي الاستثمار في ظل تآكل رؤوس الأموال‏.‏

وتابع إن ارتفاع التضخم يخفض من جاذبية البورصة وجاذبية أسهم الشركات‏,‏ خاصة حال عدم تمكن الشركات من استيعاب الارتفاع المتتالي في الأسعار و مدخلات الإنتاج‏.‏

وقال مصطفي‏:‏ إن التضخم يدق ناقوس الخطر علي البورصة في الوقت الحالي‏,‏ ووصف الوضع الحالي بأنه مرحلة خطيرة حالة عدم القدرة علي السيطرة علي التضخم‏.‏

وأضاف أن هناك بعض الشركات المتداولة ستتمكن من استيعاب الارتفاع في التضخم‏,‏ لكن البعض الآخر سيفشل في ذلك الأمر الذي يؤدي إلي تدهور تلك الشركات مشككا في قدرة البورصة بوجه عام علي استيعاب الزيادات في معدلات التضخم‏.‏

وأكد أن معدلات النمو في قطاعات البنوك والعقارات بدأت تنخفض بعد مرحلة من النمو القياسي بسبب تضخم قيمة الوحدات العقارية وبالتالي حدث انحسار في الاستهلاك‏.‏

منقول

0 تعليقات